IMLebanon

الحقيقة و”التوظيف السياسي”

 

معه حق الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله عندما يشير إلى أن العدالة بعيدة في مسألة المرفأ. أما بالنسبة إلى الحقيقة، فلم تكن يوماً مخفية. هي تنطق بذاتها وتشير بذاتها إلى ما جرى.

 

أما التشكيك بالعمل القضائي الحقيقي والتساؤل بشأن الإستهداف السياسي، فهو مكمن “التوظيف السياسي” لتمييع التحقيق وتجهيل المرتكبين والمتواطئين مشاركة أو صمتاً، ليس فقط في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وإنما منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتى يومنا هذا، وفي كل صغيرة أو كبيرة.

 

فقد تجند لتسييس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فريق طويل عريض من سياسيي خط الممانعة وإعلامييه ومحاميه لتفريغها من مضمونها وفضح أسرارها وتحريفها واعتبارها هدفاً افتعله الاستكبار الأميركي. وتم تجييش جمهور البيئة الحاضنة في عملية “التوظيف السياسي” الذي لا ينال إلا من فريق بعينه، بمعزل عن الحقيقة التي تم إثباتها بشبكة الاتصالات.

 

أكثر من ذلك، تم تبرير الجريمة والجرائم التي ألحقت بها ليستكمل المشروع… وهات على بقلاوة مع كل اغتيال لشخصية من الشخصيات المستهدفة على إمتداد السنوات.

 

كذلك نُسِجت شبكة “شهود الزور” لضرب مصداقية التحقيق والمحكمة. إذ أُرْسِل هؤلاء الشهود إلى أولياء الدم للإيقاع بهم. وقد وقعوا مع الأسف. وبعد إنجازهم وظيفتهم السياسية اختفوا. تماماً كما اختفى كل مشارك محتمل في الجريمة آنذاك. واللائحة تطول وكذلك “الحوادث” التي أدت إلى قطع كل الخيوط المرتبطة بـ”الحقيقة” غير المخفية.

 

واليوم، يبدو أن من وظف سياسياً آنذاك، عاد إلى التوظيف، وإن بطريقة أخرى. ولكن التوظيف مفضوح. لذا يصبح “الأسف” في غير محله لأن المدعى عليهم علموا بأسمائهم من الإعلام . لعلهم علموا بالوسائل القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات. لكن هناك من سرب الأسماء إلى الإعلام ليحرق الطبخة، وينسف الاستدعاءات، ويكرس الحصانات ليس بفعل القانون والدستور، ولكن بفعل رفض من يتحكم بالبلاد لمسار التحقيق وتوجيهه إلى حيث يريد.

 

وما حصل مع القاضي فادي صوان مرشح ليتكرر مع زميله طارق البيطار. والهدف الوحيد من الأسف في هذا المجال هو تكريس “ارتياب” بلا أساس، وقطع الطريق على استكمال الاستدعاءات والتحقيق.

 

وبالطبع بدأت الماكينة المعروفة عملها، لتفرق بين الشبهة والإدانة. وتتعمق في التشريعات غيرة على نزاهة التحقيق ونظافته من الأخطاء أو تجاوز الصلاحيات. وكأن كل هذه الجرائم باتت تنفع فيها حصانات، يتم “توظيفها السياسي” لحماية كل المرتكبين الذين قادوا البلاد إلى الخراب.

 

ولأن صرف النظر عن جريمة التفجير وتحقيقاتها هو المطلوب، لذا لا بأس بالإنصراف إلى إنضاج طبخة البحص الحكومية، “الناتجة عن أزمة سياسية وفساد مستشر وسرقات واحتكار بلا حدود”، وكأن في هذا السرد اكتشاف لمجهول. وأيضاً لا لزوم للتذمر من طوابير الذل، حيث تبرز سلوكيات تدل على “أزمة وعي على المستوى الشعبي”… فالكرامة المهدورة والحقوق المهدورة لا تستوجب أبداً إطلاق النار وإشكالات على محطات المحروقات، حيث تلعب المحسوبيات الميليشيوية لعبتها الوسخة… وأخيراً وليس آخراً… لا بد من بعض الفولكلور الروتيني بالتجييش ضد الأميركيين… ما يتطلب تطوير المواجهة الإعلامية كما في المواجهة العسكرية…

 

ويبقى المهم: ممنوع أن يتوسع البيكار. هذه هي الخلاصة التي يجب أن يشربها بالملعقة القاضي البيطار. وهذه هي الخلاصة التي يجب أن يقتنع بها أهالي الضحايا.