IMLebanon

التحقيقات مستمرة… وقافلة المسؤولين الى المحاسبة

 

 

في جديد التحقيقات في جريمة المرفأ، جلسة مطوّلة في السرايا الحكومية استمع فيها قاضي التحقيق العسكري الأول بالانابة فادي صوان الى رئيس الحكومة حسان دياب لمدة 4 ساعات، علماً أنّ انتقال صوان الى السرايا للاستماع الى رئيس الحكومة وليس العكس تمّ وفقاً لقانون اصول المحاكمات الجزائية، وتحديداً المادة 85 التي تستثني رؤساء الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب من المثول في قصر العدل لينتقل قاضي التحقيق مع كاتبه الى مقر هؤلاء للاستماع الى إفاداتهم اذا استدعى التحقيق أن يُدلي هؤلاء بمعلوماتهم.

وكانت الحملات الاعلامية ضد رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب قد تفاعلت أخيراً بسبب إخفاقه في إعلان نتائج التحقيقات الاولية خلال 5 ايام كما وعد، الّا انّ مصادر قضائية أوضحت لـ»الجمهورية» أنّ الوعد الذي قطعه دياب لم يُفهم وأسيئَت ترجمته وفقاً للاصول القانونية، فتمّت إدانة دياب بتهمة التقاعس عن كشف الحقيقة. فيما أوضحت تلك المصادر انّ دياب قصدَ أنه سيتخذ التدابير الادارية اللازمة بعد 5 ايام في حق المسؤولين المباشرين عن أمن منشآت المرفأ، أي وَضعهم في التصرف او إيقافهم عن العمل مؤقتاً وليس محاكمتهم أو إثبات مسؤولياتهم، موضحةً انّ مقاضاة هولاء ليست من مسؤولية رئيس الحكومة بل هي من مسؤولية قاضي التحقيق العدلي الذي يحقّ له وحده الاعلان عن موعد انتهاء التحقيق، الذي قد يستلزم حُكماً أكثر بكثير من 5 ايام، بحسب منطق الامور وحجم الفاجعة.

 

امّا بالنسبة الى سير التحقيقات، فقد يستغرب بعض اللبنانيين ويتساءلون عن الاعداد الكبيرة لفِرق الانقاذ والتحقيق المتعددة الموجودة في مرفأ بيروت ومحيطه! وتوضح المصادر انّ هؤلاء حضروا الى لبنان بناء الى استنابات قضائية مُرسلة وفق الاصول الى دولهم، امّا بالنسبة الى الفرقة الفرنسية فقد أرسل المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات استنابة قضائية الى فرنسا تطلب قدوم خبراء فرنسيين للعمل والتقصّي التقني على الأرض، وذلك قبل تعيين القاضي فادي صوان، مشيرة الى وجود نوعين من الفرَق في محيط المرفأ: الاولى تساعد على تحديد هويات الاشلاء DNA identification، امّا الفرقة الانكليزية والـ FBI فهما يعملان بناء على استنابة قضائية لقاضي التحقيق العدلي، وأفرادهما يعملون كخبراء في الاسعافات وتحديد انواع المتفجرات. وتلفت المصادر الى انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقاضي صوان طلبا من هؤلاء صوراً التقطتها الاقمار الاصطناعية الخاصة ببلادهم في تاريخ الانفجار، إلّا أنّ الدولة اللبنانية لم تحصل حتى اليوم على إجابات رسمية عن هذا الامر وعمّا اذا كانت الاقمار موجّهة فوق لبنان أثناء وقوع الانفجار. مع الاشارة الى انّ لبنان طلب الامر نفسه من الاميركيين والفرنسيين، وبحسب المعلومات فإنّ الولايات المتحدة لم تستجب حتى الآن لطلب لبنان ولا يمكن معرفة السبب، ووفق المصادر فإنّ الاقمار ربما لم تكن موجّهة صوب بيروت او لبنان عند وقوع الانفجار، او لم تكن قريبة منها، فيما تشير تلك المصادر القضائية الى أهمية هذا الطلب بالنسبة الى رئيس الجمهورية او الحكومة او وزارة العدل، بمعنى أنه يعتبر طلباً سياسياً بامتياز، في وقت يُفترض بقاضي التحقيق العدلي توجيه هذا الطلب بحسب الأصول، وهذا ما فعله صوّان فور تَسلّمه التحقيق ليصبح طلب هذه الصور الفضائية مطلباً ثلاثياً، ورغم ذلك لم يحصل لبنان حتى اليوم على إجابة.

 

وتضيف المصادر القضائية انّ غرق السفينة «روسوس» استوجَب كثيراً من الاستنابات القضائية الخارجية، وهذا ما يستدعي انتظار نتائج التحقيقات الخارجية ايضاً إن كان من قبرص وتركيا والموزامبيق وجورجيا، علماً أنّ هذه الاستنابات ترسل الى الخارج بالبريد عبر وزارة العدل. وقد طلب المحقق العدلي من السلطات التركية إيداعه المعلومات، إلّا انّ القضاء لا يمكنه مخابرة القضاء الخارجي مباشرة بل هو مُجبر على إرسال الاستنابة الى وزارة العدل التي بدورها ترسلها بواسطة وزارة الخارجية الى الخارج، ولذلك سَطّر القضاء اللبناني استنابات قضائية عدة للسلطات الاجنبية التي تمرّ إدارياً عبر وزارتي العدل والخارجية. وكذلك الأمر بالنسبة الى المراسلات والتحقيقات التي يجريها الخارج مع لبنان، كمثل فرنسا، التي ترسل ايضاً الى القضاء اللبناني نتائج تحقيقاتها او استناباتها الى وزارة الخارجية، ومن خلالها الى وزارة العدل التي تحيلها بدورها الى القضاء.

 

وتفيد المعلومات انه لم يصل من الخارج حتى الآن أيّ نتائج عن التحقيقات في انفجار المرفأ الى السلطات اللبنانية، علماً أنّ الاستنابات التي أرسلت الى قبرص كانت قد أرسلت قبل تعيين قاضي التحقيق العدلي لأنّ مالك السفينة روسي يقيم في قبرص، وذلك للاستفهام منه عن وضع السفينة. وتضيف المصادر القضائية: «على أرض المرفأ لدينا اليوم الفرنسيون والانكليز والـ FBI وفريق كندي، بعدما عرضت كندا المساعدة عبر إرسالها كتاباً الى وزارة العدل، التي بدورها حوّلته الى المحقق العدلي، تطلب فيه الموافقة على قدوم فريقها للمساعدة في التحقيق التقني، وأرفقت كتابها بالاشارة الى خبرة فريقها بأنواع النيترات واحترافه في درس هذه المادة، علماً أنّ صوّان، وبحسب المعلومات، يرحّب بأي مساعدة خارجية تقنية في العمل والتحقيقات التقنية. وتشير المصادر الى انه بالنسبة الى التحقيق الذي فتح في فرنسا نتيجة وفاة المواطنين الفرنسيين في لبنان، فقد حضر فريق خصّيصاً لمتابعة هذه المهمة، وانّ التعاون الفرنسي مع القضاء اللبناني في هذا السياق جارٍ على قدم وساق، وهو يطّلع على التحقيقات التي تجرى في لبنان. الّا انّ صوّان يفضّل عدم إصدار البيانات التوضيحية المتعلقة بتطورات التحقيقات، والعمل في الظل نظراً الى حساسية القضية.

 

وتجدر الاشارة الى انّ نقابة المحامين، وهي فريق متضرر، يحقّ لها الاطلاع على التحقيق. لذلك، لا يمكن القول اليوم انّ احداً لا يعلم ماذا يحصل في التحقيقات؟ لأنّ هناك كثيراً مِمّن يسرّبون الاستجوابات يومياً من خلال الذين يتم استدعاؤهم او عبر وكلائهم.

 

وتقول المصادر القضائية ان ليس من المفترض بقاضي التحقيق العدلي اساساً إيضاح مسار التحقيق، بل يحق للمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات أن يُقدّم من وقت لآخر الى الرأي العام بعض التوضيحات حول مسار التحقيق، لافتة الى انّ عويدات قد توقف عن ذلك أخيراً، ربما بسبب الحملة الاعلامية والسياسية التي شنّت عليه، فارتأى عدم الظهور.

 

وفي السياق نفسه تضيف المصادر انّ محاولات التشويش على سَير التحقيقات، من خلال التشويش على بعض القضاة، لم تؤثر على مسار التحقيق العام، والدليل توقيف الرائد في أمن الدولة الذي شنّت حملة للدفاع عنه، بالاضافة الى قرار الاستماع الى رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بعد ان تمّ التشكيك بإمكانية الاستماع الى مسؤولين، ممّا يستتبع ويفرض حُكماً الاستماع الى رئيس الجمهورية، الذي قال علناً انه قد تمّ إبلاغه بوجود المواد الخطيرة قبل ايام من الانفجار.

 

وتنفي المصادر القضائية تَنحّي عويدات، موضحة أنه قانوناً لا يحق له أن يتنَحّى عن الملف، إنما اذا استشعر بالحرج بالنسبة الى موضوع معيّن فيمكن ان يحيله الى المحامي العام التمييزي ليبتّ فيه بدلاً عنه. امّا بالنسبة للحملة التي يشنّها البعض تضامناً مع الرائد جوزف النداف، فتوضح المصادر القضائية الموضوعية انّ القضاء لا يحق له التأثر بمعطيات خارجة عن اطار التحقيق في حال كان المتهم او الموقوف ابن شهيد او أخلاقياته عالية، بل انّ التحقيق يسير بموضوعية، ويتم التحقيق معه على أساس مركزه ووظيفته ودوره في الأمرة المباشرة الصلاحية والاختصاص، وانّ النداف هو عملياً رئيس مركز أمن المنشآت العامة في المرفأ، اي أنّ مهمة أمن هذه المنشآت تقع على عاتقه، وأي تحقيق يجريه او اي مخابرة يُهاتِف فيها النائب العام بقضية سرقة او خطر ما، لا يعفيه من مهمته في السهر على أمن المنشآت العامة واتخاذ التدابير اللازمة لها. ولذلك، توضح المصادر القضائية أنّ التحقيقات التي أجريت في النيابة العامة تطابقت مع التحقيقات التي اجراها المحقق العدلي، وبناء عليه اصدر أمراً بتوقيف النداف وغيره، وانّ اللائحة ستطول.

 

امّا عن مدة التحقيق وحجم التوقيفات، فتقول المصادر «انّ كل الاحتمالات واردة، ولا أحد فوق رأسه خيمة في هذه الجريمة، علماً أنّ القاضي صوّان سيستمع الاسبوع المقبل، وفق المعلومات، الى وزراء الاشغال والداخلية والعدل السابقين الذين وصلتهم تحذيرات في شأن النيترات. وعند سؤال المصادر عن أسباب استبعاد وزراء المال عن التحقيق؟ أجابت: «من قال انه لن يتم استدعاؤهم لاحقاً، فالاستجوابات لم تنتهِ وكذلك التحقيق، وكل مسؤول سيأتي دوره وفق مهماته في الأمرة المباشرة الصلاحية او الاختصاص في مرفأ بيروت».