Site icon IMLebanon

فخامة الرئيس وحليفه ينتقمان من الرئيس بري والوزير السابق فرنجية  

 

 

فيما تقترب الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب، تستمر التحقيقات في أكبر تفجير هزّ العاصمة اللبنانية، وأدى الى مقتل ٢١١ شخصا، واصابة أكثر من ستة آلاف، وتشريد مئات العائلات نتيجة تهدم البيوت، إضافة الى مؤسسات توقف العمل فيها نتيجة الأضرار التي لحقت بها.

 

حقيقة ما حصل، وهوية الجهة المسؤولة عن كمية النيترات التي أُدخلت المرفأ لاتزال ضائعة… لكن التحقيقات لاتزال تجري وبسرية تامة من دون ان تتضح أسباب تلك الكارثة، والجهة التي تقف وراءها. أما القاضي بيطار فإنه استدعى عددا من الأشخاص منهم رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين هم: وزير المالية علي حسن خليل ووزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر والنائب والوزير نهاد المشنوق وعدد من القادة الأمنيين السابقين والحاليين.

 

القاضي بيطار يصر على ان العمل جار بصمت وسرية وسرعة من دون تسرّع، وعلى محاور عدة متزامنة. أولها تسطير قرابة ٢٣ استنابة قضائية تقريبا، ثم الطلب من خلالها تزويد التحقيق بصور التقطتها الأقمار الصناعية التابعة لعدد من الدول فوق محيط المرفأ.

 

هذا ما يجري في قضية التفجير هذه… وهنا لا بد لي من القول انه بات واضحا أن تعيين القاضي بيطار تم بإيعاز من رئيس الجمهورية وصهره، وقد جاء هذا التعيين من أجل الانتقام من رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، لأنه لم يلبّ طموحات وأهداف الرئيس ميشال عون بتوريث صهره المدلل منصب رئاسة الجمهورية.

 

والأدلة على ما أقول كثيرة ومتنوعة، أهمها:

 

أولاً: الرسالة التي أرسلها فخامته الي مجلس النواب شاكيا عدم تعاون الرئيس المكلف سعد الدين الحريري في تشكيل الحكومة وفق رغباته هو ومصالح صهره، إذ جاء الردّ صادماً لفخامته مخيّباً لآماله وتطلعاته.

 

ثانياً: ان مجرد تفكير منطقي وعقلاني سليم، يكتشف من هي الجهة الوحيدة القادرة على استيراد بضائع حتى ولو كانت نيترات الأمونيوم او حتى أنواعا من الأسلحة او المخدرات وإدخالها وتخزينها في مرفأ بيروت… وهل يخفى على أحد ان هذه الجهة هي حلفاء فخامته في الحزب العظيم.

 

ثالثاً: هل تستطيع جميع القوى الأمنية من أمن عام ومخابرات عسكرية وأمن دولة وجمارك او من المسؤولين الاداريين في المرفأ أن تَسأل او تتدخل في منع او تأخير إدخال ما تريده تلك الجهة او تبتغيه جماعة الحزب الحاكم.

 

رابعاً: ألا يبدو الانتقام من النائب والوزير السابق سليمان فرنجية هدفا مشروعا لجماعة الحكم، لأنه يشكّل أكبر خطر على مستقبل الصهر العزيز، وان ابعاد فرنجية اليوم هي أفضل فرصة للتخلص منه باتهام عدد من مؤيديه وأعوانه.

 

خامساً: لقد حاول السيد حسن نصر الله، أن ينهي موضوع تفجير المرفأ، بشتى السبل… وأكثر من مرة… فلماذا؟

 

سادساً: ماذا يعني طرح اسم رئيس حكومة، وأسماء عدد من الوزراء بينهم الوزير نهاد المشنوق الذي تبلّغ رسالة ؟تنص على ان هناك باخرة، عليها مواد متفجرة خارج المرفأ… وهناك نزاع قضائي بشأنها.

 

سابعا: ماذا يعني اتهام الوزير السابق فنيانوس المحسوب على الوزير فرنجية؟

 

ثامناً: ماذا يعني اتهام وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، المحسوبان على دولة الرئيس نبيه بري؟

 

تاسعاً: إن تعدد الأسماء المتهمة وتنوعها يهدف الى حرف الأنظار عن المسؤول الحقيقي، الذي كان سببا في ادخال النيترات وتخزينها، وأخذ كميات منها للاستفادة منها في الحرب الأهلية في سوريا. وها هو وبعد اصدار هذه اللائحة بالأسماء يقف متفرجا على ما يدور وكأن شيئاً لا يعنيه.

 

وبالتأكيد، فإننا لن ننسَى ان هناك مصلحة مشتركة بين الحزب العظيم وبين اسرائيل حول التهرب من مسؤولية التفجير المذكورة… إذ ان اسرائيل لا يمكن ان تتحمل مسؤولية جريمة كهذه بحق مدنيين أبرياء عزّل… في حين ان الحزب يخشى ردود الفعل، كونه غير قادر على الرد على مثل هذا الاعتداء الاسرائيلي.. إذ ذاك يقف عاجزا عن تبرير موقفه أمام الشعب اللبناني كله وهو الذي ينادي بأهمية الاحتفاظ بالسلاح للدفاع عن لبنان وشعبه.

 

من هنا أذكّر أيضا بالتهديد الذي أطلقه بدري ضاهر بأنه على استعداد لفضح الجهة التي استوردت وسحبت النيترات تلبية لحاجات المعارك الحربية في سوريا.

 

كما لا بد من القول إن كل، او معظم الذين يطالبون بتحقيق دولي… يعلمون بالتأكيد من ارتكب الجريمة… فلماذا يتهربون من قول الحقيقة؟ أليس التهرب هنا هو عملية «هروب» من قول الحقيقة؟

 

وقبل ان اختم أذكّر بما نشرته صحيفة «لوفيغارو الفرنسية» على لسان الكاتب رينو جيرار، تحت عنوان «التمرين الصعب لفرنسا في لبنان». إذ قال: «ان حزب الله خزّن نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لصالح النظام في سوريا…».

 

أليس كل هذا كافيا، لمعرفة من استورد، ومن خزّن، نيترات الأمونيوم في العنبر رقم ١٢، ومن سحب كميات منها، والى أين أرسلها؟

 

وأحيل القارئ الكريم، الى تقرير مفصّل أشار اليه سياسيون عدة، ومنهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، هذا التقرير أشار الى النقاط التالية:

 

أولاً: عمدت إيران وبسبب صعوبة ومخاطر  نقل الصواريخ، منها الى دولتها في جنوب لبنان، للعمل على استبدال نقل الصواريخ بتصنيعها داخل لبنان بمعونة وخبرات ايرانية.

 

ثانياً: أهم خطوة في هذا الاتجاه، كانت في نقل نيترات الأمونيوم (المادة الأساس في صناعة الصواريخ) من أهم مصادر انتاجها في جورجيا الى لبنان.

 

ثالثاً: تم شراء الشحنة (٢٧٥٠ طنا) نقلت بواسطة السفينة روسوس على أساس أنها متوجهة الى موزامبيق وبقي حتى الآن اسم المشتري من جورجيا واسم المرسلة الشحنة اليه في موزامبيق سرّاً حتى الآن.

 

رابعاً: وصلت السفينة الى بيروت، وادّعت وجود العطل فيها كذبا فتوقفت، ثم تمَّ افتعال إشكال قضائي متفق عليه بين دائنين ادعيا الخلاف أمام قاضي الأمور المستعجلة لاتخاذ قرار بوقف سفر السفينة.

 

خامساً: القاضي هو حلقة السر في القضية، فمهمته إقرار نقل البضاعة الى المرفأ بحجة ان وجودها ضروري لمدة المحاكمة. هذا القاضي إما انه من جماعة حزب الله او مرتشٍ.

 

سادساً: بدل ان يسفّر القاضي السفينة واعادتها الى وجهتها موزامبيق، سمح لطاقم السفينة بمغادرتها بعد تسوية مفتعلة للخلاف وبحجة ان العطل قد تمّ إصلاحه.

 

سابعاً: قرار القاضي بنقل الأمونيوم الى مستودعات في المرفأ يحمل الرقم ٤٢٩ تاريخ ٢٧-٤-٢٠١٤ وهو موجه الى مدير المرفأ. ثم تم النقل الى مستودعات خاصة بحزب الله يخزّن فيها أسلحة وكيماويات ومتفجرات، وكان فيها كميات بسيطة من الأمونيوم، فأودعت الشحنة الكبيرة في مستودع العنبر رقم ١٢. وجميع هذه المستودعات تحت سيطرة الحزب العظيم ومحروسة منه ولا يقربها لا جمارك ولا أمن دولة ولا أمن عام ولا جيش، وتدخل المواد إليها وتخرج بإمرة حزب الله عبر بوابة خاصة تدعى (بوابة فاطمة)، معروفة ولا تخضع لإدارة المرفأ، وهي شبيهه بالمعابر الخاصة بالحزب على الحدود مع سوريا.

 

ثامناً: مدير عام الجمارك بدري ضاهر أرسل الى قاضي الأمور المستعجلة محتجا على نقل المواد وتخزينها منوّهاً بخطورتها في رسائل عدة، وطلب اما تسليمها للجيش او بيعها لشركة خاصة تبيعها للخارج… لكن القاضي لم يرّد.

 

تاسعاً: هذه المستودعات التي تحوي أسلحة قادمة من ايران ومن أسواق التهريب تستعمل لتغذية عناصر من حزب الله عاملة في أي مكان.

 

كل ذلك يدل على وجود نيترات الأمونيوم في مستودعات حزب الله في المرفأ  قبل وبعد الشحنة الكبرى.

 

عاشراً: كانت اسرائيل  على علم بوجود مستودعات لحزب الله، وكانت تراقب وصول الأسلحة وتخزينها عبر القمر الصناعي الدائم فوق لبنان.

 

وعندما اكتشفت اسرائيل مخططا إيرانيا مع حزب الله للقيام بعمليات من لبنان، وبعد ان أرسل حزب الله مجموعة من ٤ مقاتلين اخترقت الحدود بأمر من خلية الحزب غرب القنيطرة، كان ذلك بداية التحرك الاسرائيلي ضد حزب الله في لبنان، فقامت اسرائيل بقتل عناصر الخلية الآمرة بغارة عليهم غرب القنيطرة.

 

ولم يغفل التقرير ان سفينة أخرى، كانت قد وصلت الى مرفأ بيروت وأفرغت شحنة من الأسلحة في العنبر رقم ٥. ومع ان العنبر رقم ١٢ كان بعيدا نسبيا، فإن الانفجار الناجم عن الغارة على الأسلحة في العنبر ٥ نشر شظايا وحرارة شديدة قد تكون تسببت في انفجار مستودع نيترات الأمونيوم.

 

إن التناغم بين فخامة رئيس الجمهورية وتياره وصهره المدلل والحزب العظيم قد يحمل في طياته نوعاً من الانتقام والحقد والتشفي.

 

وبعد، أوليس هذا كافيا للتدليل على ان اصابع الاتهام  التي وجهت الى بري وفرنجية، سببها الانتقام من دولة الرئيس بري وإقصاء سليمان فرنجية خدمة للصهر العزيز؟

 

الشعب اللبناني لم يعد غائبا عن معرفة الحقيقة والأيام المقبلة ستظهر الحقيقة الدامغة… وان غدا لناظره قريب.