IMLebanon

الجراح مفتوحة… أين التحقيق والتعويضات؟

 

ضَربنا صفحاً عن الوعد بإظهار حقائق تفجير 4 آب خلال خمسة أيام. قُلنا هو كلام عاطفي لا يصمد أمام موجبات التحقيق بجريمة كبرى أدت الى تدمير نصف بيروت. لكن أن يمضي شهران بالتمام والكمال وتقتصر التوقيفات خلالهما على موظفين فيما الجراح مفتوحة، والمحامي إيلي نوفل يفارق الحياة أمس متأثراً بالانفجار، والتعويضات في خبر كان، فأمرٌ لن يمرّ مهما طال زمن التحقيقات.

 

وإذا سلّمنا بضرورة أخذ التحقيق مجراه، فإننا ننبه القاضي فادي صوان الى ان الرأي العام يعرف بوضوح ويقين تسلسل المسؤوليات، ولن ندلَّه الى واجبه باستدعاء كل من “كان يعلم” مهما كبر شأنه وعلا كعبه، والى وجوب كشف هوية صاحب الأمونيوم وكيف خُزنت ولأي أغراض.

 

والقاضي صوان يدرك اننا بعد ما مررنا به من اختبارات تدميرية ودموية بتنا نعرف البئر وغطاه. فإذا كان جاهزاً لكشف الحقيقة فليُكمل مهمته بمهنية وإقدام، أما إذا كان مُضمِراً حصر التحقيق والاتهام بالمجرمين الصغار فليتنحَّ مبكراً لئلا يضيع رصيده ووقت المتضررين، وهم في المناسبة كلّ لبناني يتمتع بوطنية وأخلاق.

 

لن تنفع مماطلة المنظومة الحاكمة في البدء بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار، ومهما افتعلت من معارك داخلية، أو أطلقت مبادرات “تاريخية” من نوع الاتفاق على مفاوضات الترسيم، فإن هناك واقعاً لا يزال يثير الغضب، وهو ان عشرات آلاف المواطنين يعيشون في العراء، ولا يكفي ترقيع الشبابيك وتثبيت الأبواب ليتقوا البرد القادم والشتاء، ناهيك عن خسارات الأهل والأبناء والمعيلين وموارد الرزق والتي تترك عيوناً دامعة بلا انقطاع.

 

لن تغطي “احتفالية” الترسيم كارثة “التلحيم”. فالترسيم المباغِت حاجةُ “الثنائي الشيعي” ضمن حسابات ميزان القوى الاقليمي والخوف المتصاعد من العقوبات أو لضمان حصة أكبر في النظام بعد نجاح “البازار” مع الأميركان، فيما أولوية من شرّدتهم “المنظومة” من الأشرفية ومار مخايل والجميزة وغيرها من الأحياء التعويض الفوري، للحد من المعاناة ومعاودة الحياة ولجم اليأس الدافع الى هجرة أكثرية الشباب.

 

نهبت الطغمة الحاكمة أموال اللبنانيين في المصارف ودمرت بفسادها السياسة والاقتصاد، ثم تأتي اليوم متلكئة في تشكيل الحكومة والتفاوض مع صندوق النقد وواعدة الناس بغاز يفيض من البلوك 9 لتقترض عليه أموالاً بانتظار الاستخراج، بدل التفكير بالتعويض الفوري عمّن نكبتهم بجريمتها في 4 آب.

 

غير مقبول هذا الإهمال الذي يتعرض له المنكوبون ولا تأخر التعويضات او التعطف بعلب المساعدات. طرح السيد محمد بعاصيري أمس وبمسؤولية الخبير المالي رهنَ قسم من الذهب الذي قدَّر قيمته بـ 18 مليار دولار، للتعويض عن الأضرار الهائلة التي أصابت المساكن والمحال والممتلكات وكل مصاب من جراء التفجير المجرم. فكرةٌ تستحق الاهتمام شرط ألا يتدخل بتنفيذها رياض سلامة وكل شركائه في افلاس البلاد. هو الذهب، حافظنا عليه بقانون من مجلس النواب وبقي مصاناً لـ”حشرة” تؤكّد انه الملاذ. ألا يحق لعاصمة تعرّضت للاغتيال ان تبلسم جراحها من مال الشعب اللبناني الحلال بدلاً من انتظار آمال “الترسيم” وتقطير المانحين وما يتكرم عليها به أهل سلطة الفساد؟