Site icon IMLebanon

خذوا المبادرة..

 

الثلثاء المنصرم، لفظت محكمة الإستئناف المدنية في بيروت- الغرفة الثانية عشرة – برئاسة القاضية رندا حروق، قرارها بخصوص طلب الرّد والمقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس بوجه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وقضى برّده لعدم الإختصاص النوعي.

 

وبالتالي، عاد المحقق العدلي إلى إستئناف تحقيقاته، ولو لأيّام قليلة، قبل أن يعود ليتبلّغ دعوى ردّ جديدة قُدّمت بوجهه أمام محكمة التمييز المدنية، ودعوى مخاصمة للدولة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ومراجعة نقل دعوى للإرتياب المشروع أمام محكمة التمييز الجزائية- الغرفة السادسة -.

 

مما يُفيد، أنّ الوزراء المدّعى عليهم قرّروا الإستمرار في تسويفهم، عبر إمطار القضاء بدفعةٍ جديدةٍ من الدعاوى والمراجعات المطابقة للنزاعات، والتي سبق لهم وأن تقدّموا بها بحق المحقق العدلي، بقصد ردّه وإستبداله، إن لم نَقُل «قَبْعِهِ».

 

فيما الحقيقة تَنتظر، والعدالة تَحتضر، والثعالب تَنتصر.

 

عام ونيّف ولّى، وضحايا الرابع من شهر آب في إنتظار كلمة الحق، فيما المدّعى عليهم يناورون ويقامرون، بقصد إزهاق الحقيقة وخنق العدالة لا أكثر ولا أقلّ.

 

يقولون إنّ حقّهم في التقاضي مشروع، لكن هذا الحق وعندما يتحوّل إلى تسويف، ما الهدف منه إلاّ تضليل الحقيقة، يصبح جريمة موصوفة بكل ما للكلمة من معنى.

 

فَشروط طلب الرّد والمنصوص عنها في المادة /120/ وما يليها من قانون الأصول المدنية غير متوافرة، والأحكام القضائية أكّدت ذلك. كذلك، شروط مقاضاة الدولة في شأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين والمنصوص عنها في المادة /741/ وما يليها من قانون الأصول المدنية غير متوافرة بدورها. وأيضًا شروط نقل الدعوى للإرتياب المشروع والمنصوص عنها في المادة /340/ من قانون الأصول الجزائية غير متوافرة.

 

فكيف للوزراء المدّعى عليهم أن يُعاودوا الكرّة ويتقدّموا مُجدّدًا، بطلبات ردّ جديدة ومُداعاة للدولة وطلبات نقل دعوى للإرتياب المشروع و….؟؟؟

فما الهدف من ذلك ؟

ألَيْسَ التسويف والمماطلة، في إنتظار مُتغيّر مُنتَظَر في الأيام الطالعة أم الأسابيع اللاحقة أم الأشهُر القابلة ؟؟؟

 

يتبيّن جليّاً أنّ الوزراء المعنيين لن يستكينوا، إنما سيُصعّدون من مُراجعاتهم، وسيُكثرون منها، وصولاً إلى إغراق القضاء والمحاكم بِكَمٍّ هائل من المراجعات التعسُّفية، توصُّلاً إلى « قَبْعِ « القاضي البيطار.

 

لجأت المحاكم وفي كلّ مرّة ردّت فيها طلبات الرّد والمخاصمة والنقل، إلى تغريم الجهة المدّعية بغرامات رمزية لم تصل إلى حدود المليون ليرة لبنانية لا غير. ولذلك، لم يرتدع مَنْ سوّلت له نفسه تسخير القضاء تحقيقًا لِمآرِبه وأطماعه وأهدافه.

 

أمّا الحلّ الأنجع، ولردع هؤلاء، يبقى بيّد ذوي الضحايا، وبّيد المتضرّرين ووكلائهم، ولا سيما منهم نقابة محامي بيروت، التي نذرت نفسها لهذه القضية السامية.

 

ويتمثّل هذا الحلّ، بإعمال نص المادة /127/ من قانون الأصول المدنية، والتي تنصّ حرفيّاً على ما يلي:

 

«…. ويمكن أن يحكم عليه بالتعويض للقاضي المطلوب ردّه، وللخصم المتضرّر من تأخير المحاكمة».

 

ولما كان من الثابت، أنّ ذوي الضحايا يُعتبرون من المتضرّرين الحقيقيين والفعليين من تأخير المحاكمة، كذلك كلّ مَن تضرر وهُجّر وشُرّد وفقد قريبًا أم نسيبًا أم….. يُعتبرون أيضًا من هذه الفئة المتضرّرة من تأخير المحاكمة، نتيجة طلبات الرّد المتعاقبة، والتي لا تهدف إلاّ لعرقلة سير القضاء، تحقيقًا للعدالة.

 

لذلك، يقتضي مواجهة هؤلاء بدعاوى تعويضات شخصية، وصولاً إلى حجز أموالهم وأملاكهم ولو إحتياطيّاً. شرط أن يتعاون القضاء، عن طريق إصدار أحكام عادلة وتعويضات رادعة. ستشكّل حتمًا رادعًا حقيقيًا لكل من يستخدم القضاء مطيّةً خدمة لأهدافه وتطلّعاته.

 

وفي الخُلاصة، لا حلّ إلاّ بإعمال نص المادة /127/ من قانون الأصول المدنية، وهذه مسؤولية ذوي الضحايا، وكلّ مَن تضرّر نتيجة زلزال الرابع من شهر آب /2020/.

واعلموا، أنّه ولطالما لم تبادروا إلى مواجهة هؤلاء والوقوف في وجههم، سيستمرّون في مَسارهم ولن يستكينوا.

 

مُستذكرًا قَوْل المصلح الإجتماعي والمفكّر السياسي والمجدّد الإسلامي عبد الرحمن الكواكبي حين قال:

«إذا رأى الظالم على جنب المظلوم سيفًا، لما أقدم على الظُلم».

 

فَخذوا المُبادرة، اليوم وقبل الغدّ.