IMLebanon

هل يحق للمحقق العدلي أن ينفذ قراراته بنفسه؟؟

 

بما ان هدف النيابة العامة هو ملاحقة المجرم والقاء القبض عليه واحالته الى المحكمة للإقتصاص منه بسبب ما الحقه من ضرر بالهيئة الإجتماعية الذي يمثلها النائب العام، فتكون هذه النيابة هي صاحبة الولاية الأساسية في تحريك الدعوى العامة واستعمالها في آن معا.

 

ومن بين الأنظمة القانونية المعروفة اختار القانون اللبناني النظام المختلط الذي قسم الإجراءات الجزائية الى ثلاثة وظائف: وظيفة الإدعاء والملاحقة، وظيفة التحقيق ووظيفة الحكم. ويتولى كل وظيفة من هذه الوظائف جهاز قضائي يختلف عن الآخر وفقا لآليات عمل غير متشابهة لكنها مترابطة فيما بينها.

النيابة العامة في هذا النظام المختلط هي المحور الأساسي التي تدور حوله وظائف النظام لأنها تواكب الدعوى العامة من لحظة ولادتها حتى لحظة انطفائها.

فقاضي التحقيق مثلا لا يسعه ان يضع قراره الظني بنهاية التحقيق الا بعد ان تضع النيابة العامة مطالعتها النهائية بالأساس. لذلك فإنه لا يستطيع بعد ان يصدر قراره الظني بجنحة او مخالفة ويعين فيه القاضي المنفرد الجزائي المختص ان يحيل بنفسه الى هذا القاضي القرار المذكور وانما عليه ان يودعه النيابة العامة المختصة لكي تقوم هي بايداع القاضي المنفرد الملف مشفوعا بادعائها بعد ان تكون سددت القيود لديها. وكذا الأمر لو ان قاضي التحقيق اعتبر ان الفعل له الوصف الجنائي فإنه يودع ملف الدعوى النيابة العامة التي تودعه الهيئة الإتهامية.

والسبب في ذلك ان المادة 24 من قانون الأصول الجزائية التي تحدد مهام النيابة العامة الإستئنافية تنص على ان هذه النيابة هي التي تنفذ الأحكام الصادرة عن محاكم الإستئناف والجنايات. وكذا الأمر في ما خص النيابة العامة التمييزية التي تنفذ الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز.

وحده القاضي المنفرد الجزائي ينفذ بنفسه الأحكام الصادرة عنه لأنه يجمع بشخصه صفة النائب العام إضافة الى كونه قاضي حكم.

بيد ان علاقة النيابة العامة بالدعوى العامة تأخذ منحى مختلفا بعض الشيء عندما تكون هذه الدعوى هي نتيجة تحريكها من قبل الحكومة، لأن الجرم يمس أمن الدولة الداخلي او الخارجي من خلال مرسوم بإحالتها الى محكمة خاصة هي المجلس العدلي، حيث النائب العام لديه هو النائب العام التمييزي وقاضي التحقيق هو المحقق العدلي الذي يسميه وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.

لقد نصت المادة 362 من الأصول الجزائية على ان المحقق العدلي من يصدر جميع المذكرات التي يقتضيها التحقيق دون طلب من النيابة العامة، وأن قراراته في هذا الخصوص لا تقبل اي طريق من طرق المراجعة. وانه يضع يده على الدعوى بصورة موضوعية…

لكن هذا النص يجب ان لا يفهم منه انه سمح للمحقق العدلي بأن يجمع بشخصه اضافة لصفته صفة النائب العام العدلي، لأن قراراته اذا كانت لا تقبل اي طريق من طرق المراجعة فمرد ذلك لعدم وجود مؤسسة «الهيئة الإتهامية» التي تعتبر مرجعا استئنافيا لقرارات قاضي التحقيق. وان غاية المشترع من وراء عدم النص على وجود هذه الهيئة هي الإسراع في اجراءات التحقيق باختصار درجة من درجاته ليس الا.

وعلى هذا الأساس فإذا كانت قرارات المحقق العدلي لا تقبل اي طريق من طرق المراجعة لعدم وجود مرجع اعلى، فإن تنفيذ هذه القرارات يبقى من صلاحية النائب العام العدلي وحده تطبيقا للنصوص وللقاعدة القائلة بأن النيابة العامة هي صاحبة الولاية الأساسية على الدعوى العامة. وعلى النائب العام العدلي ان ينفذ قرارات المحقق العدلي ولو لم يكن موافقا عليها. وعلى الضابط العدلي المكلف بالتنفيذ ان يمتنع عن تنفيذ اي قرار لا يكلفه بتنفيذه النائب العام العدلي .