IMLebanon

ملفات انتقائية وفراغ ومواجهات

 

هل دخلت التحقيقات العدلية في مأساة انفجار مرفأ بيروت بازار المماحكات السياسية التي تتحكم بتأليف الحكومة الجديدة، كما أثبتت الأسابيع الستة الماضية من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها؟

 

كان يمكن لمبادرة الحريري تقديم لائحته للحكومة العتيدة أن تحدث خرقاً، بعدما كانت حجة الرئيس ميشال عون أن الرئيس المكلف يبحث معه في اللائحة بالتقسيط، وينحو باللائمة عليه في تأخير ولادتها، فإذا به يسلمه لائحة مكتملة وفق معيار واحد هو المبادرة الفرنسية. فالجانب الفرنسي وممثلو معظم الدول المهتمة لم يخفوا حماسهم لأن يقدم الرئيس المكلف على هذه الخطوة لاختبار الفريق الرئاسي الذي صال وجال في طرح شروطه ومطالبه في وسائل الإعلام.

 

قبل أن يزور الحريري القصر الرئاسي أول من أمس، لتقديم لائحته وبعد تحديد موعدها، كان عون وجبران باسيل حسما شروطهما المعهودة: الحصول على 7 وزراء من أصل 18، أي ضمان الثلث المعطل لمصلحة الفريق الرئاسي، من أجل التحكم بالحكومة ومستقبلها، والتشبث بتسمية السبعة من دون شراكة الحريري. لائحة الأخير تضمنت أسماء 4 وزراء من اللائحة التي اقترحها عون، وخامساً من المستقلين ليس بعيداً من “التيار الحر”.

 

ليس في وارد الحريري التسليم بحصول عون وباسيل على الثلث المعطل مهما كانت الظروف. وليس وحده في هذا الموقف، بل ان رئيس البرلمان نبيه بري لا يقل عنه رفضاً لهذه المعادلة لأن القاعدة التي يتعامل من خلالها عون مع تشكيل الحكومة هي: إما حكومة كما أريد، أو لا حكومة كي أواصل الحكم مثلما أريد. وهو أعطى نموذجاً عن طريقة إدارته الأمور في ظل تصريف الأعمال. يجمع المجلس الأعلى للدفاع لاتخاذ قرارات منوطة بمجلس الوزراء بموافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء المعنيين، بما أن نفوذه في مؤسسات أمنية وقضائية وخدماتية يتيح له الإفادة من خدماتها. كما أن باسيل يسعى إلى مقابلة العقوبات الأميركية عليه بتعزيز موقعه في السلطة عبر قوة التعطيل بعدما كان عرض على واشنطن فك تحالفه مع “حزب الله” مقابل وعد أميركي بدعمه لرئاسة الجمهورية عام 2022 رفضه الجانب الأميركي، غير آبه بإغراءاته ضد الحزب.

 

وفي وقت بلغ رفض بري لهذه المعادلة وللثلث المعطل حد التهيؤ لإعلان رفض المشاركة في الحكومة، فإن إبقاء الفراغ الحكومي الذي يطرب إليه عون وباسيل، يعمّق المأزق المالي المعيشي، ويرفع حال الاستنفار الطائفي، لأن الأوساط السنية حبلى من استضعاف موقع رئاسة الحكومة ومن تقزيمه من قبل الرئاسة الأولى بالممارسة خلافاً للدستور.

 

الادعاء أمس من قبل قاضي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ، على الرئيس دياب و3 وزراء، إثنان منهم ينتميان إلى حركة “أمل” والثالث إلى سليمان فرنجية، يضيف إلى تسعير الصراع عاملاً جديداً. فهو استند إلى تلقي هؤلاء رسائل عن وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ، واستثنى من الذين تلقوا رسائل مماثلة ولم يتحركوا لإزالة الخطر، رئيس الجمهورية ووزراء العدل الموالين للرئاسة، على رغم أن أسماء هؤلاء كانت واردة في الرسالة التي بعث بها القاضي فادي صوان إلى الرئيس بري قبل أسبوعين، إضافة إلى رؤساء حكومات سابقين من دون تسميتهم.

 

وفق ردود الفعل الأولى، ستطلق الانتقائية بفتح ملفات قضائية وإعلامية تحت عنوان الفساد والمسؤوليات، مواجهات لا تنتهي.