IMLebanon

عراقيل السُلطة السياسيّة بوجه القضاء… قد تُفشل التحقيق برمّته !

 

بعدما تقدّم كلّ من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى لتنحية القاضي فادي صوان عن ملف التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت، مُستخدمين العُذر القانوني الذي يُعرف بإسم «الإرتياب المَشروع» إزاء حياديّة القاضي ومشروعيّة إستدعاءاته، علّق المُحقّق العدلي في جريمة الرابع من آب إستدعاءاته وتحقيقاته، إعتبارًا من 17 كانون الأوّل الحالي، وذلك في إنتظار البتّ بالدعوى. ومع إنقضاء مهلة العشرة أيّام التي يُحدّدها القانون لمثل هذه الحالات، والتي تداخلت مع عُطل الأعياد، توجّهت الأنظار مُجدّدًا إلى هذا الملفّ الساخن جدًا. فما الذي سيحصل؟

 

بحسب أوساط قضائيّة إنّ المسألة لم تعد مسألة كفّ يد هذا القاضي أو ذاك عن الملف، ولا مسألة مُتابعة القاضي صوّان تحقيقاته من عدمها، بل تتعدّى ذلك إلى ما هو أبعد وأعمق وأخطر، مُشيرة إلى أنّ قرار تعليق المُحقّق العدلي تحقيقاته كان أصلاً محطّ إنقسام داخل الجسم القضائي، حيث كان البعض يرفض ذلك، ويُطالبه بمُتابعة التحقيق بالتزامن مع بحث الجهات القضائيّة والدُستوريّة المَعنيّة بدعوى الإرتياب المُشروع، لكنّ الأكثريّة كانت مع تجميد التحقيق مرحليًا، وهذا ما حصل في نهاية المَطاف. وأضافت أنّ القضاء أراد بقيامه بهذه الخُطوة إلى الوراء، تحديد خُطة التحرّك المُستقبليّة وأخذ نفس عميق – إذا جاز التعبير، قبل مُواصلة مسار التحقيق في إنفجار المرفأ الذي «لا يُمكن أن يصل إلى أي نتيجة من دون إستدعاء شخصيّات سياسيّة ومسؤولين أمنيّين وإداريّين من الصفوف الأماميّة، وإستخراج ما يَملكونه من مَعلومات ومن خفايا».

 

ونبّهت الأوساط القضائيّة إلى أنّه في حال تعذّر التحقيق مع رئيس حُكومة تصريف الأعمال حسّان ديّاب، ومع المسؤولين الثلاثة الآخرين الذين جرى إستدعاؤهم قبل تعليق التحقيق، أيّ كل من النائبين الحاليّين علي حسن خليل وغازي زعيتر، والوزير السابق يوسف فنيانوس، سيكون من المُستحيل ومن غير المَنطقي ولا العادل أصلاً، إستدعاء باقي المسؤولين الموضوعين على لائحة الإستدعاء، ما يعني عمليًا إفشال التحقيق برمّته. ولفتت إلى أنّ اللائحة المُشار إليها تضمّ إضافة إلى المسؤولين المَذكورة أسماؤهم أعلاه، مجموعة واسعة من المسؤولين الذين كانوا قد شغلوا مناصب قياديّة في وزارات الأشغال والعدل والمال خلال مرحلة تواجد نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، إن داخل السفينة التي نقلت الشُحنة أو على أرض المرفأ. وكشفت الأوساط نفسها أنّ اللائحة المذكورة يُمكن أن تطال الوزراء في الحُكومة الحالية المُستقيلة غازي وزني وماري كلود نجم وميشال نجّار، وكذلك الوزراء السابقين غازي العريضي، ومحمد الصفدي، وشكيب قرطباوي، وألبرت سرحان، وسليم جريصاتي، وأشرف ريفي، إضافة إلى العديد من المُدراء العامين والضبّاط الكبار والموظّفين في المرفأ وبعض الإدارات الرسميّة الأخرى، علمًا أنّ ما لا يقلّ عن 25 شخصًا هم في عداد الموقوفين وجاهيًا على ذمّة التحقيق حتى تاريخه، في حين أنّه يُوجد ثلاثة مَطلوبين مُتوارين وهم أوقفوا غيابيًا. ولفتت الاوساط إلى أنّ توفير الحماية السياسيّة أو الحزبيّة أو الطائفيّة والمذهبيّة، لأي مسؤول مَطلوب، سيُعطي الحجّة للآخرين لعدم المُثول أمام المُحقّق، علمًا أنّ الإستدعاءات ليست إدانة مُسبقة لأيّ مسؤول، حيث يُمكن أن تكون بعض الأسماء واردة على لائحة الإستجواب، لأخذ المَعلومات التي بحوزتها، ولتوثيق الأحداث التي رافقت سفينة النيترات وفق تسلسلها الزمني الطبيعي.

 

وشدّدت الأوساط القضائيّة على أنّ العراقيل التي يضعها جزء من السُلطة السياسيّة أمام القضاء قد تُوقف عمليًا التحقيق في ملف إنفجار بيروت برمّته، وستجعل من المُستحيل الوُصول إلى الحقيقة الكاملة، بغضّ النظر عن هويّة المُحقّق العدلي الذي سيُتابع التحقيق، أكان القاضي صوّان أم سواه. وأشارت في الختام إلى أنّ الجسم القضائي اللبناني مُصرّ على مُتابعة مُهمّته، وهو مَدعوم من قبل الرأي العام العريض، ويستند إلى دعوى الحقّ العام في الإنفجار الذي حصل في الرابع من آب، والتي ضُمّت إليها مئات شكاوى الإدعاء الشخصي من قبل أشخاص تضرّروا جسديًا وماديًا بشكل مُباشر من الإنفجار. وأضافت: «لكن المَطلوب من الجميع مُساعدة القضاء على إنجاز مُهمّته، وليس وضع العراقيل أمامه، لأنّ الحمايات السياسيّة والطائفيّة هي أخطر من الإنفجار بحدّ عينه!».