Site icon IMLebanon

الدول تتسابق لإعادة إعمار المرفأ… هل تأليف الحكومة العائق الوحيد؟

 

6 مشاريع أجنبية جرى تقديمها حتى الآن لإعادة إعمار مرفأ بيروت، من فرنسا وتركيا والصين وروسيا والشركات الألمانية وCMA CGM، وكل هذه المشاريع في انتظار تشكيل حكومة لدرسها والبت بها. لكن هل يكفي التعويل على تأليف حكومة للشروع في تنفيذ هذه المشاريع ام انها ستلقى مصير سابقاتها على غرار عروض «سيمنز» و«جنرال إلكتريك» للكهرباء، والتي لا تزال في «الجوارير» رغم الوضع المأساوي للكهرباء اليوم؟

 

 

أعاد مخطط الشركة الالمانية لإعادة اعمار مرفأ بيروت الأنظار نحو إحياء هذا المرفق الحيوي، بحيث ما ان مضى يوم على اطلاقه حتى أعادت مجموعة الملاحة الفرنسية CMA CGM الفرنسية بدورها التذكير باستعدادها لإعادة بناء هذا المرفأ خلال 3 سنوات. وكان عرض CMA CGM قد جاء ضمن مجموعة عروض قدمتها دول عدة كفرنسا وتركيا والصين وروسيا والشركة الألمانية، الا انه وفي مقابل هذا التهافت الدولي للاستثمار في لبنان لا تزال الدولة في غيبوبة تقف موقف المتفرّج على الفرص الضائعة، وهي غير قادرة على إصدار أي قرار يُعيد الحياة الى المرفأ.

 

وصرّح أخيراً المدير العام لمجموعة CMA CGM في بيروت جو دقاق أنّ خطة المجموعة التي عرضت على السلطات اللبنانية للمرة الأولى في أيلول من العام الماضي، تتضمّن اعادة بناء الأحواض والمخازن المدمّرة مع توسعة المرفأ وتحويله إلى النظام الرقمي بتكلفة إجمالية تتراوح بين 400 و600 مليون دولار، على ان يستغرق تنفيذ خطة اعادة بناء المرفأ 3 سنوات.

 

ظاهرياً، يبدو ان حل العقدة ينتظر تأليف حكومة، لكن في الخلفيات هناك عوامل عدة ستكون لاعباً أساسياً في قرار تسليم إعادة اعمار مرفأ بيروت الى شركة خاصة، فالسؤال الأساسي المطروح هل ستقبل الأطراف السياسية المسيطرة على المرفأ حالياً بالتنازل عنه؟ وما هو الثمن؟ وهل فعلاً هناك توجّه لتسليم المرافئ الحيوية الى ادارة القطاع الخاص ام إبقائه خاضعاً للمحسوبيات والأحزاب؟ هل ستحترم إيرادات المرفأ ام ستبقى خاضعة للمحسوبيات؟ لا بد انّ هذه المشاريع ستُلقي الضوء على الإهمال المتعمّد من الدولة لسنوات، وتراخيها في حسن ادارته ومكننته وعصرنته لضبط الفساد فيه الذي أوصل الى انفجاره في 4 آب.

 

 

 

عاملان لجذب الاستثمارات

 

في السياق، يقول رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور انّ لبنان بوضعه الحالي وبالأزمة المالية التي يمر بها غير قادر على إعادة بناء المرفأ وحده لأنه لا يملك الإمكانات لذلك، انما هو في حاجة الى شركات واستثمارات اجنبية على غرار المشروع المقدّم من الشركة الألمانية بدعم من حكومتها، او مثل المشاريع المقدمة من فرنسا وتركيا والصين وروسيا.

 

وأكد زخور انّ هذا التهافت الدولي لإعادة اعمار مرفأ بيروت، يؤكد ما قلناه مراراً عن اهمية موقع مرفأ بيروت الاستراتيجي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، في ظل المعلومات التي تؤكد أنّ في بحر لبنان ثروة غاز ونفط تقدّر بمليارات الدولارات، مما سيحوّله مستقبلاً الى بلد غني يعجّ بالمشاريع والإنشاءات الغازية والنفطية الضخمة ومستقطب للاستثمارات الخارجية. وما إعلان كل من فرنسا والصين وروسيا وتركيا وألمانيا وCMA CGM عن استعدادها لإعادة بناء المرفأ سوى دليل على ان لبنان ليس بلدا مفلسا إنما غني بموارده وطاقاته، ولفت الى انّ لهذه الدول خبرة طويلة في هذا المجال، فـ CMA CGM على سبيل المثال لديها محطة حاويات في عدة مرافئ في العالم، ومنها في موانئ دبي حيث رفعت عدد محطات الحاويات من 6 الى حوالى 60 في العالم وهي تقوم بتشغيلها.

 

وشدد على ان استقطاب الاستثمار يتطلب أولاً حكومة نظيفة تكون مؤتمنة على الإصلاحات وتعمل بجدية لصالح البلاد وتحظى بثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، وقضاء نزيه موثوق به. وفي غياب هذه العوامل لن يستثمر أحد في لبنان.

 

وعمّا اذا كان من السهل اليوم ان تتنازل الجهات السياسية المسيطرة على المرفأ عن مكتسباتها لصالح استثمارات اجنبية او القطاع الخاص؟ يقول زخور: انّ اليونيفل موجودة اليوم على الحدود البحرية الإقليمية للبنان ومن وظيفتها مراقبة الحدود، كذلك للجيش اللبناني دور في مراقبة ما يدخل الى لبنان عبر مرافئه البحرية. وبالتالي، ان كل ما يدخل الى لبنان هو من مسؤولية هاتين الجهتين.

 

 

 

المخطط الالماني

 

جدير بالذكر انّ مخطط الشركة الألمانية لإعادة اعمار مرفأ بيروت يسعى لتطويره وربطه بمحيطه. فهذا المشروع سيتوسّع من مجرد مرفأ الى جَادة وفسحة تلاقٍ لسكان المدينة، بحيث سيضم معرضاً ومتاحف، وحدات سكنية وتجارية ومسابح وحدائق مع الإبقاء على الإرث العمراني للمدنية. وتقدّر مساحته بنحو مليون و300 ألف م2، بحيث ستتم الافادة من جزء من مطمر برج حمود والمنطقة على يمين المرفأ وفي هذه المنطقة سيتم تكبير المرفأ من حيث حمولة البواخر التي يستقبلها والاتصال بين المرفأ وباقي المناطق عن طريق سكك حديد تتجه شمالاً أو جنوباً.

 

الجهة على أقصى شمال المرفأ هي منطقة المباني السكنية وتحوي أيضا على بحر رملي ومطاعم… كذلك هناك منطقة خضراء تفصلها الاشجار عن منطقة مار مخايل.

 

وتتوقّع الشركة ان يؤمّن هذا المشروع 50 الف فرصة عمل في بيروت ومحيطها، على ان يقدم خلال الـ25 سنة المقبلة مداخيل تزيد قيمتها عن 30 مليار دولار ناتجة عن الضرائب والرسوم والايرادات. وتقدّر كلفة المشروع بين 5 و15 مليار دولار، وستؤمّن من خلال استثمارات خارجية على ان يُستكمل لاحقاً بتمويل ذاتي بعد بيع المحلات السكنية والتجارية وغيرها، وسيعود المشروع بإيرادات للدولة تقدّر بمئات الملايين سنوياً عدا عن مدخول تشغيل المرفأ.