لليوم الثاني على التوالي، يواصل فوج إطفاء بيروت، ووزارة البيئة، العمل على تبريد الجهة الشمالية من مبنى الأهراءات في مرفأ بيروت. لا تقديرات للوقت الذي قد يستغرقه العمل على إنجاز هذه المهمة، فعلى الرغم مما قيل سابقاً عن إمكانية إتمام أعمال التبريد في غضون خمسة أيام، إلا أنّ العمل على الأرض خلط كل الأوراق. هذا ما بدا واضحاً لعناصر الفوج الذين يتولون اليوم إدارة عملية «مبهمة»، بحسب الملازم أول في الفوج، علي نجم.
بالنسبة إلى نجم، المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة. ما يحدث على الأرض لا يشبه بأيّ شكلٍ من الأشكال ما يجري من مداولات في المكاتب أو ما قد يظنه الناس، فعملية التبريد «مش تكبّ ميّ وتمشي»، وإنما فيها من التعقيد ما يكفي، إذ إن العمل فيها يتطلب توافر عناصر ثلاثة: «تأمين سلامة العناصر والآليات والمنطقة التي سنقف عليها». وهذا مردّه إلى أن «المكان هناك أشبه بالحمم البركانية».
درجة حرارة 400
يشبه هذا التوصيف ما كان قد ساقه مستشار وزير البيئة ورئيس اللجنة العلمية لمعالجة الحبوب في مرفأ بيروت، الدكتور محمد أبيض الذي لفت إلى أن «درجة الحرارة في بعض الأماكن عند الجهة الشمالية تصل إلى حدود 400 درجة مئوية». والخوف مما يحدث تحت الركام، حيث تتكدّس الحبوب «المجمّرة»، والتي تصل في بعض الأماكن إلى «ستة أمتار وما يزيد من العمق»، والتي قد تشتعل في لحظة حظٍّ عاثر قد يصل فيها الأوكسيجين إليها. من هنا، تتطلّب عملية التبريد، بحسب أبيض، العمل بشكلٍ متواز «تبريداً وتقليباً»، بحيث يمكن الوصول شيئاً فشيئاً إلى الحبوب.
وإذ تتولى وزارة البيئة الشق المتعلق برفع الردميات، يعمل الفوج بالتوازي على التبريد عبر سحب المياه من البحر من خلال «شفاطات المياه ومنها إلى الآليات»، يقول نجم، لافتاً إلى أنه في اليوم الأول من العمل «احتجنا إلى3 آلاف ليتر من المياه».
الحديث عن التدعيم كلام في الهواء قبل معرفة الوضع الإنشائي للمبنى
20 ألف طن ردميات
وعلى خط سحب الردميات، يشير أبيض إلى أن الوزارة بدأت العمل على سحب «الأحجار والردميات الكبيرة إلى موقع قريب من الجهة الشمالية للعمل على تكسيرها وفصلها عن الحديد»، في انتظار تقرير مصيرها، «ما إن كانت ستؤخذ إلى مكان آخر، أو إبقاؤها في مكانها لنرى إن كان ممكناً الاستفادة منها في ردم الحفرة التي خلّفها الانفجار». وهي كميات يُعوّل عليها، إذ يبلغ حجمها ما يزيد عن «20 ألف طن من الردميات»، وتحتاج بالتالي «إلى الوقت وإلى آليات العمل»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه مع مطلع الأسبوع المقبل «من المفترض أن تصل الآليات الكبيرة من جرافات مجهّزة بسلاسل وغيرها، لتسريع الأعمال على الأرض».
أما بالنسبة إلى الحديد، فهو يقع ضمن صلاحيات وزارة الاقتصاد التي لم تحسم خيار الاستفادة منه حتى اللحظة، بانتظار إعداد الدراسات اللازمة.
كتاب “الأشغال العامة”
على الخط الآخر، وفي إطار النقاش الدائر حول إمكانية تدعيم الجهة الجنوبية من مبنى أهراءات مرفأ بيروت، أحالت وزارة الأشغال العامة والنقل كتاباً إلى شركة «خطيب وعلمي» تطلب بموجبه إفادتها بتقييم شامل للوضع الإنشائي للأهراءات في المرفأ «لتتمكن من اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة ولا سيما لناحية ما تبقّى من الأهراءات وخصوصاً الجنوبية منها». وبموجب الكتاب، طلبت الوزارة من الشركة تزويدها بتقرير تفصيلي يتضمّن معلومات عن «الوضع الإنشائي للأساسات، والوضع الإنشائي للأوتاد، والوضع الإنشائي للأهراءات الجنوبية وانحرافها الحالي والتقدير التقريبي لزيادة هذا الانحراف مع الوقت، إضافة إلى تقييم مدى ثبات واتّزان هيكل الأهراءات الجنوبية وإمكانية تدعيمها وحفظها من الانهيار في المستقبل».
ad
التدعيم غير محسوم
في السياق نفسه، تشير مصادر وزارة الأشغال إلى أن «الحديث عن التدعيم اليوم كلام في الهواء قبل إعداد التقارير المفصلة لمعرفة الوضع الإنشائي لما تبقّى من المبنى». وعليه، أيّ حديث عن إمكانية تدعيم قبل صدور التقرير هو «محض شعبوي». ومن هنا، وبانتظار أن يصبح «الفول في المكيول»، تشير المصادر إلى أنه «ليس صحيحاً أنه تقرّر الإبقاء على الصوامع، والقرار الرسمي إلى الآن هو قرار مجلس الوزراء الصادر في نيسان الماضي والقاضي بهدم الأهراءات، أما كتاب التكليف من رئيس مجلس الوزراء فقد كان واضحاً ما يتضمّنه وهو العمل على مراجعة تقرير هدم مبنى الأهراءات والإفادة عن الإجراءات الواجبة للإبقاء على الصوامع الجنوبية لمبنى أهراءات القمح والمحافظة عليه كمعلم تاريخي (…) مع ما يستتبع ذلك من تعديل لقرارات مجلس الوزراء ذات الصلة».