Site icon IMLebanon

الوظيفة والرئاسة وما بينهما؟!

لن يخرج المشهد في ساحة النجمة اليوم الاثنين 8 شباط، عن سائر المشاهد السابقة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري يعلن إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية جديد الى موعد لاحق..

كل المعطيات المتوافرة، خارجياً وداخلياً تلتقي عند نقطة مركزية واحدة وهي ان الظروف الدولية – الاقليمية – العربية واللبنانية لاتزال غير مهيأة لانجاز هذا الاستحقاق، وهي، أي الظروف، موقوفة على جملة تطورات بالغة التعقيد، لم يكن من السهل ابقاء لبنان بمنأى عن تداعياتها، أقله في السياسة والاقتصاد والاجتماع..

الذين »استجاروا« بالخارج أدركوا ان اللعبة أكثر تعقيداً مما كانوا يتصورون، وذلك على الرغم من أن ما بقي لرئيس الجمهورية (المسيحي – الماروني) من صلاحيات، يجب ان لا دفع الى وضع هذا الكم من العراقيل والعقبات والعصي في دواليب الاستحقاق الرئاسي.. الفاتيكان غسل يديه.. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وصل الى قناعة ان انجاز الاستحقاق هو في يد محورين بارزين في المنطقة، المحور السعودي وامتداداته، والمحور الايراني وامتداداته، وطالما ان العلاقة بين المملكة العربية السعودية وايران، على هذه الدرجة غير المسبوقة من عدم الثقة والتشكيك المتبادل والكباش الأمني والعسكري والسياسي في العديد من الساحات، فإن الرهان على انجاز الاستحقاق، من خارج »التوافق الاقليمي – العربي« في غير محله.

ما عزز هذه »الورقة الاقليمية – العربية« ان الافرقاء اللبنانيين المعنيين أنفسهم، وفي غالبيتهم الساحقة، »يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون..«، وهم في وضع، بات من المستحيل عليهم العودة الى الداخل محررين من ارتباطاتهم الخارجية. وعليه، فإن على اللبنانيين ان يعضوا على الجرح ويمسكوا أنفسهم خشية الوقوع في مطبات أكثر سوءاً وأشد خطورة، على ما تدل بعض العناوين، التي من بينها هذا القلق المتمادي لدى »الفاعليات المالية والاقتصادية« جراء التهديدات الاميركية بتحميل لبنان ما لا يقدر على حمله واحتماله، على خلفية اتهام »حزب الله« بتبييض الأموال، بعدما وضع في أوقات سابقة على لائحة »الارهاب الدولي«؟!

ليس من شك في ان »الاوراق التعطيلية« لانجاز الاستحقاق في يدي »حزب الله« متوافرة وعلى نحو فاعل، لكن ومن دون أي شك، فإن هذه الاوراق ما كانت لتصرف في الداخل اللبناني لو لم تكن هذه الاوراق ذات فاعلية وتأثير.. وذلك على الرغم من ان المساعي المبذولة على خطي معراب والرابية لم تتمكن من احداث خروقات ذات قيمة وتأثير وفعالية، وتحديداً في »البيئة المسيحية«، وان كان البعض تراجع عن شعار »ليتفق الافرقاء المسيحيون ونحن من ورائهم«، ليطلق شعاراً جديداً، وهو ان الاستحقاق الرئاسي »وطني لبناني ولا يعني المسيحيين وحدهم..«؟!

سيلتقي عدد من النواب، لن يتجاوز عددهم اعداد الذين واظبوا سابقاً على تسجيل أسمائهم غير مقاطعين لجلسة انتخاب الرئيس، لكن لن يتمخض عن هذا الحضور أي نتيجة تؤشر الى ان جلسة اليوم لن تكون كسابقاتها.. ونواب »حزب الله«، ونواب »التيار الحر« وحلفاؤهم، ماضون في قرار المقاطعة، ان لم تتوافر حصيلة عددية كافية توفر وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وقد تعززت ورقته بـ»اتفاق معراب« وتبني »القوات اللبنانية« ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وان كانوا سيتابعون حضور الجلسات، »لتسجيل مواقف«.

اللافت، أنه ومن وراء الستار، لم يقف »التيار العوني« جامداً طوال الفترة الفاصلة بين جلسة اليوم و»اعلان معراب«.. وهو ان اطمأن لالتزام »حزب الله« الأخلاقي – الأخلاقي والأخلاقي – السياسي« بتأييد الجنرال، فإنه لم يقف عند ذلك وقد شعر بضغط الحاجة لتوسيع شبكة الاتصالات بعد تدهور العلاقة على نحو لافت مع الرئيس نبيه بري وما يمثل والنائب وليد جنبلاط الذي استفاق فجأة على ان هناك مرشحاً ثالثاً للرئاسة هو النائب هنري حلو..

خلاصة اتصالات »التيار العوني« ورسائله »المشفرة« و»غير المشفرة« الى تيار »المستقبل« وتحديداً الرئيس سعد الحريري، لم تصل الى مرحلة كسر حاجز القطيعة، لأكثر من سبب، وان كان عديدون، من الذين التقوا الرئيس الحريري في الاسبوعين الماضيين شعروا بأن الرجل بات يشعر بقلق لافت جراء الشغور المتمادي في موقع الرئاسة الاولى، وهو وإن خسر رئيس »القوات« سمير جعجع  الذي منح بركته للعماد عون، فإنه (أي الحريري) ماضٍ في تقليب الأوراق، وستشكل مناسبة 14 شباط، محطة، إما لتثبيت خياره رسمياً بتبني ترشيح رئيس »تيار المردة« النائب سليمان فرنجية، وهو المرجح، او دعوة الافرقاء اللبنانيين كافة الى تعزيز الحوارات الداخلية، بحيث لا يخسر حلفاؤه، وتحديداً »القوات«، و»المستقلين« ولا يعرض «شعبيته لهزة«، بهدف الوصول الى تفاهمات وتوافقات »لا تقتل الذئب ولا تفني الغنم..«؟!

يدرك الرئيس لحريري، ان هناك عديدين في أوساط 8 و14 آذار، أدمنوا على دق الأسافين بينه وبين خياره »الفرنجي«.. لكنه، والى اللحظة مصمم على اعتماد خيار التشاور المتواصل مع الرئيس بري والنائب جنبلاط، وفتح ابواب التواصل، متخطيا »الخلاف الرئاسي« مع »القوات«.. خصوصا وان اللقاءات التي تمت بين الحريري و»الكتائب« (التي تحتفظ بورقة ترشيح الرئيس أمين الجميل الى اللحظة) لم تصل الى مرتبة يشعر معها زعيم »المستقبل« بأنها تخدم مشروع سياسي – وطني، من ضمن الثوابت التي دأبا على اطلاقها »تيار« و»كتلة المستقبل«.. لاسيما وان الرئيس بري والنائب جنبلاط يفضلون عدم فتح هذا الباب، وبأي شكل من الأشكال؟!