الموافقة على زيارة حزب الله إلى القاهرة يحمل دلالة سياسية، وتأتي في إطار زيارة طبيعية للتعزية في وفاة الكاتب العربي محمد حسنين هيكل، الذي له مواقف مؤيدة للمقاومة وحزب الله ضدّ الكيان الاسرائيل وجهة الصراع.
ومن المفيد ما قام به حزب الله عبر وفده السياسي الذي ضمّ مسؤول العلاقات العربية الشيخ حسن عزالدين ومسؤول وحدة العلاقات الاعلامية المركزية محمد عفيف والنائب الدكتور علي المقداد، خصوصاً ان الزيارة تأتي للقاهرة وحالة التأزم بين حزب الله والسعودية بلغت ذروتها، وقد عكستها المملكة على لبنان الرسمي والشعبي.
الاهمية تأتي وبحسب مصادر في 8 آذار من خلال النشاط الذي كان قام به وفد الحزب من خلال لقاءاته السياسية والاعلامية والثقافية، وبعضها لقاءات رسمية، مما سيثير حفيظة السعوديين تحديداً، الذين بالاساس يعملون منذ بداية المتغيرات على تغييب دور مصر في الازمات العربية ـ العربية، او محاولة ادخالها في صراعات اقليمية في اكثر من مرة.
الصحافة المصرية، وكذلك في وسائل الاعلام المصرية المسموعة والمرئية، أخذ خبر زيارة وفد من حزب الله حيزاً هاماً وما تزال، وكذلك الاوساط الاعلامية والثقافية، اذ لاقت اهتماماً خاصاً من هذه الاوساط.
هل من تأثير على الموقف السعودي من مصر بشكل او بآخر؟
تقول المصادر ان الزيارة سيكون لها تأثير، خصوصاً بعد استقبال الوفد من جانب مسؤولين مصريين، في وقت العلاقات بين السعودية وحزب الله متأزمة إلى هذا الحد، وهو ما قد يثير بعض الحساسيات بين القاهرة والرياض.
بالطبع هناك من يعطي الموضوع اكثر من حقيقة الامر تضيف المصادر، لكن من الواضح ان مصر لا تمانع بدخول شخصيات سياسية الى القاهرة، ولا تضع شروطاً على شخصيات من حزب الله او غيره، وهي تتعاطى مع جميع اللبنانيين والقوى السياسية والحزبية وتربطها علاقات جيدة مع الجميع، وترى ان بعض الازمات المستجدة يمكن معالجتها دون هذا الضجيج الاعلامي والسياسي، وبالتالي هناك رؤية مصرية حول ضرورة ابعاد لبنان عن التجاذبات العربية وخلافات العرب، كما تقضي الضرورة القومية ان يصار الى تحصين الساحة الوطنية اللبنانية والحفاظ على استقرار هذا البلد الهام في الجغرافيا السياسية العربية .
وفي ظل ازمة السعودية ولبنان، يمكن لمصر ان تلعب دوراً في هذا الصدد بحسب المصادر، كما يمكنها ان تتعاون عسكرياً مع لبنان عبر تعاون الجيش المصري مع الجيش اللبناني. لكن هذه الزيارة على حدّ المصادر، لن تؤثر على العلاقات المصرية ـ السعودية القوية جداً، بل يمكن ان تلعب القاهرة دوراً في ترطيب الاجواء بين لبنان والسعودية.
بالطبع وفد حزب الله قدّم التعازي اسم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وباسم «المجاهدين» في الحزب، لما لهيكل من تقدير واحترام وكونه شخصية كبيرة وشجاعة ولطالما امتلك حبا كبيرا للمقاومة وهو راهن عليها في مراحل مختلفة لكونها مشروع نهوض في وجه العدو الإسرائيلي.
لم يتمكن وفد الحزب من لقاء شيخ الازهر أحمد الطيب الذي كان موجوداً في اندونيسيا حيث اعلن مواقف وجدت الصدى الايجابي لدى قيادات المسلمين الشيعة في العالمين العربي والاسلامي وفي مختلف أنحاء العالم، وبالتحديد عندما قال «ان الإسلام لا يطير من دون جناحي السنة والشيعة».
اجواء زيارة حزب الله الى مصر في اطار التعزية بالكاتب العربي محمد حسنين هيكل ما تزال تأخذ حيزاً من النقاش، بل ان العتب المصري من بعض المتابعين هو غياب الحزب رسمياً عن بعض المناسبات الوطنية الرسمية، وفتح حواراً مع القيادة المصرية، بعيداً عن النظرة التاريخية لعلاقة الحزب بالقوى الاسلامية المصرية، والمصريون المعنيون بهذا الشأن يقولون، لا بدّ ان يعمل الحزب على تعزيز العلاقة مع مصر بكل مستوياتها الرسمية والحزبية والشعبية، وان لا يتوقف عند تطورات الساحة المصرية كشأن داخلي.