Site icon IMLebanon

«الإيجابية» بقيت في باريس والتفاؤل لم يخترق صفوف 8 آذار..

 

«لم يتصل بنا أحد، ولا صحة لاقتراب موعد ولادة الحكومة»، هذه هي العبارة التي صدرت عن اللقاء التشاوري، والتي تقدّم صورة واضحة على أن نتائج لقاءات باريس بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، او بين الأول ورئيس التيار الوطني جبران باسيل، لم تتخط الحدود الفرنسية على ما يبدو، وبالتالي لا تزال المراوحة الحكومية مكانها، رغم تأكيد مصادر تيار «المستقبل» وجود إيجابيات يمكن البناء عليها.

 

بعد التدقيق في المعطيات الحكومية الأخيرة يظهر أن لا جديد، ولا يزال رئيس التيار الوطني الحر معارضا لحكومة قائمة على عشرات ثلاث، خاصة اذا لم يقترن تنازله عن وزير بالحصول على حقيبة خدماتية أساسية، هي إما البيئة، التي يرفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري التخلي عنها الا لصالح الثقافة أو الصناعة، وإما الأشغال العامة والنقل بتكرار مشابه للمطالبة بها سابقا، مع العلم أن المردة لا يقبل التفاوض حولها حتى.

 

بعد أن تُعيد مصادر تيار «المستقبل» مواقفها السابقة بأن هذا الأسبوع يجب أن يكون حاسما لناحية تشكيل حكومة أو القيام بإجراءات أخرى، تكشف أن الرئيس المكلف ما زال أمام العقدتين الأساسيتين، الاولى متعلقة بموضوع الثلث المعطل الذي يسعى جبران باسيل للحصول عليه، والثانية مشكلة تمثيل اللقاء التشاوري عبر إيجاد وسيلة ترضي الجميع، مشيرة الى أن وقت ولادة الحكومة لا يُمكن تحديده، إنما يمكن القول أن الإيجابية الموجودة لدى الحريري تنبع من لمسه إرادة صادقة لدى المتفاوضين.

 

من الملاحظ في التفاؤل هذه المرة أنه لم ينطبق على شخصيات فريق 8 آذار، والمؤشرات على ذلك عديدة، أبرزها ما قاله أحد القياديين الكبار في هذا الفريق في جلسة حصلت منتصف الأسبوع الماضي ردّا على سؤال عن مصير الحكومة، اذ قال: «منذ متى وسعد الحريري يحاول تشكيل الحكومة؟ 8 أشهر، اذا ستستغرق الولادة المدة ذاتها»، الا بحال حصلت مفاجأة غير متوقعة.

 

رأى القيادي في تلك الجلسة أن مصير الحكومة غير محدد، والسبب الحقيقي لعدم تحديد المصير غير محدد أيضا، فتارة يأتي التعطيل من الرئيس المكلف وتارة من رئيس التيار الوطني الحر، وأحيانا يكون التعطيل من خارج الحدود. اما عن الخيارات المتاحة امام الرئيس المكلف في هذه الحالة، استبعد القياديّ أن يقوم الحريري بالاعتذار عن تأليف الحكومة، «فعندها يكون قد أنهى مستقبله السياسي في لبنان، أولاً لأن هذا يعني أن التسوية التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة ستسقط، وثانياً لأن الشارع السياسي عموماً والشارع السني خصوصاً لم يعد يحتمل هذه التصرفات من الحريري التي كررها في أكثر من مناسبة».

 

بالإضافة الى المؤشر السابق، تكشف مصادر قيادية في فريق 8 آذار أن توجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقد جلسة تشريعية قريبا يعني أن الإيجابية التي يتحدثون عنها في ملف تشكيل الحكومة لم تصل الى عين التينة، التي كانت تلتقط إشارات التفاؤل عن بعد، رغم الاتصال الذي تم بين بري والحريري ووصف بالإيجابي، مشيرة الى ان المرحلة المقبلة في شهر شباط لن تكون كالأشهر السابقة من التعطيل، فالمجلس النيابي سيعمل ويبدو أن رئيس الحكومة قد أخذ قراره بالعودة الى السراي الحكومي لتصريف الاعمال وربما أكثر عبر إعداد الموازنة.

 

وعن خيارات الحريري المتاحة أمامه، تقول مصادر تيار «المستقبل» أن الرئيس المكلف لم يفاتح أحدا بإمكانية اعتذاره، كون هذا الخيار لا يُبحث على طاولة النقاشات المنعقدة في بيت الوسط، وكما كان مرفوضا في السابق، لا يزال مرفوضا اليوم من قيادة هذا التيار، مشيرة في الوقت نفسه الى أن هذه القيادة إن علمت بتفكير الحريري بالاعتذار ستعمل على ثنيه عن قراره. وتضيف: «الخيارات الموجودة أمام الحريري ليست كثيرة، وهو يدرس مع المعنيين مدى ملاءمة كل خيار مع الظروف الحالية، على أن يتخذ القرار النهائي وحده».

 

رغم الحديث عن الخيارات المتاحة بحال لم تتشكل الحكومة، تتمسك المصادر في تيار «المستقبل» ببث الأجواء الإيجابية في الوسط السياسي، معتبرة أن توافر النيات الصادقة يؤدي الى تشكيل الحكومة، وهذه النيات موجودة اليوم، واذا لم تولد الحكومة قريبا فإنها ستعود الى مرحلة الصفر، خصوصا في ظل طروحات جديدة ستؤدي، بحال طُرحت للبحث، الى المربع الاول بعد تأكيد الجميع أن الاتفاقات التي أبرمت هي لأجل هذه الحكومة بالذات وبحال تغيرت الحكومة تتغير الاتفاقات.