Site icon IMLebanon

الانعكاسات الإيجابية للاتفاق النووي تبدأ بانتخاب رئيس للبنان وبحلّ في اليمن

السؤال الذي لا جواب قاطعاً عنه حتى الآن هو: هل يكون الاتفاق النووي الإيراني سبيلاً لجعل المنطقة تنعم بالأمن والاستقرار والازدهار، أم سبباً لاستمرار التأزم والتوتر ولمزيد من الصراعات والصدامات؟

من السابق لأوانه الحكم على هذا الاتفاق قبل وضعه في صيغته النهائية لمعرفة من الرابح ومن الخاسر أو يكون الجميع رابحين بتحقيق التعادل والمساواة في توزيع المكاسب بين كل الاطراف الموقعين وغير الموقعين عليه، ويكون تنفيذه تنفيذا دقيقا كاملا من دون خلاف على ذلك، كما يحصل عند تنفيذ كثير من الاتفاقات والمعاهدات، إما بسبب وجود نصوص ملتبسة ولكل طرف تفسير لها يختلف عن تفسير الآخر، وإما عن سوء نية.

أوساط سياسية ترى أن الاتفاق النووي الإيراني يكون مهماً جداً إذا حقق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة كما يبشر مسؤولون أميركيون وإيرانيون، وان ما بعد توقيعه هو غير ما قبله. ولترجمة ذلك لا بد من تحقيق الآتي:

أولا: تسهيل إجراء انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، إن لم يكن قبل توقيع الاتفاق النووي إظهاراً لحسن النية فبعد التوقيع فوراً، وان يتم حل مشكلة سلاح “حزب الله” وكل سلاح خارج الدولة في إطار استراتيجية دفاعية وطنية تضبط استخدام هذا السلاح بوضعه في كنف الدولة، وان يكون انسحاب مقاتلي الحزب من سوريا ومن غير سوريا بداية تطبيق اجراءات تحييد لبنان عن صراعات المحاور ترجمة لـ”إعلان بعبدا” الذي وافق عليه أقطاب الحوار بالإجماع واضطر “حزب الله” إلى مخالفته نظرا الى ظروف الحرب في سوريا وكون إيران معنية بها، وأن تجرى انتخابات نيابية في مطلع العهد الجديد على أساس قانون عادل ومتوازن يحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله. ويبقى لهذا المجلس أن يعيد النظر في دستور الطائف تعديلاً أو تطويراً أو تصويباً.

ثانيا: التوصل إلى ايجاد حل عادل ومتوازن للحرب في سوريا والعراق واليمن وليبيا وذلك بتشكيل حكومات وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى السياسية الاساسية في البلاد كي تكون قادرة على مكافحة الارهاب بوحدة موقف لأن لها الاولوية على أي أمر آخر، في حين ان استمرار الانقسام السياسي والمذهبي والعرقي داخل كل دولة يفقد هذه المكافحة قوتها وفاعليتها.

ثالثا: عدم تدخل اي دولة في شؤون دولة أخرى سياسيا وامنيا احتراما لسيادة كل منها، وعدم التشجيع على انشاء مجموعات مناهضة للحكم فيها، سياسية كانت أم مذهبية، وتمويلها وتسليحها لتتحول دولة داخل الدولة كما هي الحال في عدد من دول المنطقة وذلك حرصا على استمرار الامن والاستقرار لأن من دونهما لا ازدهار يرفع مستوى معيشة الشعوب ويخلق فرص عمل للعاطلين، لأن لا شيء يولّد الارهاب سوى الفقر والقهر، ومعالجة الفقر تكون بالإنماء المطرد، والقهر يعالج بتطبيق الديموقراطية الصحيحة التي تجعل الاكثرية المنبثقة من انتخابات حرة نزيهة تحكم، والاقلية تعارض، او تحكم الاكثرية والاقلية معا بتشكيل حكومة ائتلافية.

رابعا: حل القضية الفلسطينية حلا عادلا توصلا الى تحقيق سلام شامل في المنطقة، اذ لا استقرار دائما وثابتا في المنطقة من دون التوصل الى حل هذه القضية. وعندها لا تعود حاجة للدخول في سباق التسلح مع انتفاء اسباب الحروب، انما الدخول في سباق التنمية وتنفيذ المشاريع الحيوية التي تحسن اوضاع الناس المعيشية وتكافح البطالة، كما لا يعود في اي منطقة بيئة حاضنة لأي ارهابي او تكفيري.

إن انعكاس الاتفاق النووي الإيراني ايجابا على المنطقة يتأكد في لبنان اولا بانتخاب رئيس للجمهورية كي ينعم عندئذ بالامن الثابت والاستقرار الدائم والازدهار المطرد، وبوقف الاقتتال في اليمن، وبايجاد حل عادل ومتوازن في سوريا يعتمد مبادئ جنيف ويقيم نظاما جديدا فيها يحقق العدالة والمساواة بين الجميع، وكذلك في العراق وليبيا.

أما اذا كان الاتفاق النووي هدفه تحقيق مكاسب وطموحات لأطراف من دون آخرين، وتغليب فريق على آخر، فإن التحالف العربي بقيادة السعودية قد يكبر ويقابله تحالف آخر مناهض له، وعندها قد تدخل المنطقة في مواجهة خطرة بين هلال سني وهلال شيعي تفرح بها اسرائيل وتنتعش بالتالي الحركات والتنظيمات الارهابية والتكفيرية في كل دول العالم.

لذلك لا بد من انتظار موعد توقيع الاتفاق النووي وردود الفعل لمعرفة ما اذا كان مدخلا لسلام شامل أم لحرب شاملة.