اعرف ان المواطن اللبناني، متشوّق ليسمع خبراً ايجابياً في زحمة السلبيات التي تتحكم بلبنان، ان كان على الصعيد الداخلي، او على الصعيد الخارجي، الا ان الاخبار السوداء التي تحمل التشاؤم هي الطاغية، بدءاً من اقفال الامل بتشكيل الحكومة قريباً، وانعكاسه على الوضعين الاقتصادي والمالي، وما يرافق ذلك من حملات قاسية بين الافرقاء المتنازعين، اضافة الى التهديدات الاسرائيلية خارجياً والحملة التي تشنّها اسرائيل لتعميق الخلافات الداخلية من جهة، وضرب الثقة الامنية التي ما يزال يتمتع بها لبنان عند الدول الغربية والعربية من جهة ثانية.
ولكن المواطن على الرغم من يأسه، ما زال قادراً على تلقف الاشارات الايجابية القليلة التي ظهرت منذ يومين، وصبّت القليل من الماء البارد على الاجواء الحامية، من هذه الاشارات، الاعلان عن تواصل ولقاءات بين مسؤولين في التيار الوطني الحرّ ومسؤولين اشتراكيين في الجبل، بعد حملات متبادلة عكرّت صفو الجبل وهدوئه، والايجابي في الامر ان هذه اللقاءات لا تتم على حساب العلاقة الطيّبة بين الاشتراكي والقوات اللبنانية، وزيارة النائب اكرم شهيب الى معراب لتنسيق المواقف بين الحزبين دليل على ذلك، كما ان بيان رئيس حزب القوات سمير جعجع الى المحازبين والمؤيدين بوقف اي حملة ضد التيار الوطني الحرّ، يدخل في لائحة الاشارات الايجابية، الا انه قد يكون مؤشراً الى صعوبة تشكيل الحكومة في القريب العاجل.
وحتى الاشارات الايجابية ايضا ما اعلنه النائب جورج عدوان، عن العلاقة الطيّبة مع الموحدين الدروز، وعن تطور مهم للعلاقات السياسية مع تيار المردة، وان تطبيق اللامركزية الادارية الموسّعة، هو الكفيل بوقف الخلافات والنزاعات بين الطوائف والاحزاب، وتعهّد بتحقيقها في خلال ولاية مجلس النواب الحالي.
على الصعيد الخارجي، كان تحذير وزير خارجية روسيا، لافروف، اسرائيل من القيام باي عدوان على لبنان، موقفاً لافتاً من روسيا، يمكن ان يرتاح اليه اللبنانيون، بعد التدابير العدائية التي اتخذتها الادارة الاميركية، ولا تصبّ الا في مصلحة اسرائيل، وصمت الدول الغربية عن التهديدات الاسرائيلية.
يبقى اخيراً موضوع حكومة الاكثرية، الذي عاد التداول به، والذي من شأنه ان يهزّ التوازن الداخلي، وفق مرجع كبير، وهو اذا كان مطلباً ضرورياً وطبيعياً في النظام البرلماني الديموقراطي، الا انه في الظروف الحالية، «مطلب حق يراد به باطل».