IMLebanon

إيجابيات وسلبيات

إن أيّة قراءة متبصّرة لإعلان معراب بتبنّي رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية تُفضي إلى عدّة استنتاجات بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي في الشكل والمضمون مهما حاول رئيس القوات تبريرها.

أما الجانب الإيجابي، فيتلخّص في أن الترشيح أدّى إلى خلط الأوراق السياسية، ومعها الاصطفاف الحاد الذي وضع البلد على شفير هاوية الانفجار الذي عبّرت أكثر من دولة غربية عن الخشية من حصوله في حال بقي الخلاف بين الفريقين على الاستحقاق الرئاسي من دون أي أفق للحل، ومن شأن ذلك أن يحمل كل الأطراف على إعادة النظر في حساباتهم السابقة التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه، وهذا ما هو مطلوب من الجميع، في ظل التحوّلات التي تشهدها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وهذا ما بادر إليه رئيس اللقاء الوطني النائب وليد جنبلاط بحيث رحّب بالتقارب بين المكوّنين المسيحيين الأقوى على الساحة المسيحية واللذين يمثلان الأكثرية الساحقه من المسيحيين والتي تتعدّى حدود الثمانين بالمئة، وهذا أيضاً ما فعله رئيس مجلس النواب نبيه برّي بتريّثه في التعليق أو في إبداء أي موقف من هذا التقارب. ثم إن خلط الأوراق بات هو المطلوب بعدما وصل الانقسام العمودي بين الفريقين المتنازعين على السلطة إلى ما وصل إليه من اصطفاف وتشنّج وكل المفردات المشابهة.

وتتلخّص أيضاً في امتحان حزب الله ومدى استعداده لإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، أم أنه بترشيحه للعماد ميشال عون يناور في الوقت الضائع بانتظار أن تُفرج إيران عن هذا الاستحقاق كما بات معروفاً من القاصي والداني ومن كل القوى التي يهمّها إنقاذ هذا البلد من تداعيات الأزمة السورية.

والإيجابية الثالثة هي أن ترشيح رئيس القوات اللبنانية للجنرال عون لم يأتِ ردّة فعل على ترشيح حليفه زعيم تيّار المستقبل للنائب سليمان فرنجية بل جاء نتيجة مفاوضات استغرقت عدّة أشهر أفضت إلى إصدار بيان النيّات الذي يتضمّن البنود العشرة التي تجسّد مبادئ قوى الرابع عشر من آذار وثورة الأرز والتي ستشكّل الجزء الأساسي لبيان القَسَم في حال انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية.

إلا أن هذه الإيجابيات الثلاث تقابلها عدّة سلبيات لعلّ أولها أن رئيس القوات اللبنانية بقراره هذا تخلّى عن خطابه الوطني الشامل الذي عزّز زعامته الوطنية وقوّاها إلى درجة لم يحظَ بها أي زعيم مسيحي عبر تاريخ لبنان السياسي وفضّل عليه الخطاب الطائفي من خلال الثنائية المسيحية، وهو أمر ليس مقبولاً من رئيس القوات اللبنانية مهما حاول تبريره بتقديم الأسباب الموجبة له، وهنا يصح ما يقوله البعض من أن قراره هذا جاء ردّة فعل على قرار حليفه سعد الحريري بترشيح أحد أركان قوى الثامن من آذار، فإذا به يقع في نفس الخطأ، لا بل في خطأ أكبر مهما قدّم من أعذار وتبريرات ما دامت قد أنتجت ثنائية مسيحية، شبيهة بالحلف الثلاثي الذي قام في أوائل السبعينات والذي ساهم إلى حدّ كبير في نشوب الحرب الأهلية يومذاك من دون الدخول في الأسباب التي جعلته يُقدم على هذه الخطوة.

على أي حال، نظرتنا إلى رئيس حزب القوات لم تتغيّر ولن تتغيّر وما أوردناه في هذا السياق ملخّص لما سمعناه في الشارع.