Site icon IMLebanon

ما بعد النأي بالنفس… المطلوب عدم النأي بالنفس عن قضايا الناس

 

وعاد الرئيس سعد الحريري إلى السراي الحكومي، رئيساً لحكومة أصيلة لا مستقيلة ولا متريثة. عاد محصَّناً بثقة جامعة من مجلس الوزراء، وهذه الثقة ستُعطي دفعاً للعمل الوزاري بأقوى مما كانت عليه السلطة التنفيذية قبل تقديم الإستقالة.

حكومة الثقة الثانية والنأي بالنفس ستكون تحت مجهر العالم والداخل، لأنَّ ما تحقق لم يكن بالأمر القليل، فليس سهلاً أن يُعلَن استنفار عالمي من أجل تعويم السلطة التنفيذية في لبنان من خلال تعويم رئيسها الرئيس سعد الحريري.

وهذا الإستنفار ما زال مستمراً إلى اليوم وعرابته فرنسا التي تواكب ما يجري في لبنان:

من الإستقالة حتى العودة عنها، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحيط علماً بالإعلان السياسي الصادر عن مجلس الوزراء اللبناني، الذي أتاح لرئيس الوزراء سعد الحريري الرجوع عن استقالته وتحمل مهامه مجدداً بشكل كامل.

ماكرون، وفي ما يشبه التعهد، أكد أنَّ فرنسا ستتابع باهتمام إحترام الأطراف اللبنانية كافة لتعهداتها، وأنَّه أحيط علماً أيضاً بتأكيد مجلس الوزراء اللبناني تبني سياسة النأي بالنفس عن النزاعات في المنطقة.

من خلال هذا الموقف، تؤكّد فرنسا التزامها الوقوف إلى جانب اللبنانيين، ومواصلة العمل لتعزيز استقرار وأمن وسيادة لبنان بالتنسيق مع السلطات المحلية وكل المجتمع الدولي. وكلُّ ذلك ستتم ترجمته من خلال قيام الرئيس الفرنسي شخصياً، بافتتاح أعمال اجتماعات المجموعة الدولية لدعم لبنان في حضور سعد الحريري غداً الجمعة.

 

***

لكن الدعم الدولي يبقى غير ذي تأثير، ما لم يُواكَب بدعم داخلي للنأي بالنفس، الذي يجب أن يصبح نهج عمل. لهذا السبب كان الرئيس الحريري جريئاً جداً وصريحاً جداً في مداخلته في الجلسة الإستثنائية لمجلس الوزراء، حين قال في كلمة مكتوبة تدليلاً على الأهمية إن التهجم على دول الخليج في الإعلام وفي السياسة يُهدّد مصالح لبنان، وخصوصاً مصالح اللبنانيين الذين يعملون في الخليج، وصار واجباً علينا أن نضع يدنا على الموضوع وأن نتَّخذ قراراً نعلن فيه النأي بالنفس قولاً وفعلاً. ويجب أن نقتنع أن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج له انعكاسات خطيرة على أوضاعنا وعلى مصالحنا، وإذا كنا نرفض أية دولة أن تتدخل في شؤون لبنان، فلا يجوز أن نقبل أن يتدخّل أي طرف لبناني في شؤون الدول العربية وخصوصاً دول الخليج العربي.

***

بعد هذا الموقف العالي السقف، لا بدَّ من التوجه إلى السياسيين بالقول:

إرحموا البلد!

تلفَّتوا إلى القضايا التي لم تعد تحتمل الإنتظار:

النفايات، إزدحام السير، الغلاء، الأقساط المدرسية، الناس يريدون أن يعيشوا، لا يمكنكم أن تنأوا بأنفسكم عن هموم الناس، لم يعد بالإمكان التغاضي عن معالجة هذه المعضلات، فمن دون معالجة هذه الأمور، لا معنى للسياسة التي هي في نهاية المطاف… خدمة الناس وتسيير أمورهم.