مشروع قانون الانتخاب في مجلس النواب اليوم، والمطلوب، ليس إقراره بمادة وحيدة، اختصارا للنقاش، وحسب، ولا بأكثرية عادية، كأي قانون فقط، انما التوجه الرسمي نحو حشد ما أمكن من الأصوات النيابية، على أمل بلوغه سقف المئة صوت…
وفي معلومات المصادر المتابعة، ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، يضعان هذا القانون بمستوى الاستحقاقات الدستورية الكبرى، كانتخاب الرئيس، والثقة بالحكومة، من حيث يكون التصويت عليه، بمثابة تصويت غير مباشر على اداء العهد والحكومة.
وعليه، اذا كان الرئيس عون قد فاز بالرئاسة ب ٨٣ صوتا وحكومة الرئيس الحريري بثقة ب ٨٧ نائبا، فان كلاهما يأمل بأن يتخطى القانون الذي اعتبره الرئيس بري أفضل الممكن بينما تنبأ له النائب وليد جنبلاط بنهاية عاطلة سقف المئة صوت، أو ألاّ ينزل عن هذا المستوى كثيرا.
وبعد القانون الميمون، لن يكون انشغال بالانتخابات البعيدة زمنيا، إلاّ من خلال الأنشطة التمهيدية المبكرة، والتي تشمل التحضيرات التحالفية، ورصد التحولات السياسية المحلية والاقليمية، فضلا عن الذخائر المالية المناسبة.
وفيما ينصرف مجلس النواب الى انجاز مشروع الموازنة، بعد فك ارتباطها بقانون الانتخابات، وضمن الموازنة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي الدولة والقطاع العام، سيكون على المراجع المعنية مواجهة سؤال قديم جديد حول مصير المقاعد النيابية الثلاثة الشاغرة، وهي مقعد الرئيس عون في كسروان، والمقعدان الأرثوذكسي والعلوي في طرابلس، الأول شغر باستقالة النائب روبير فاضل والثاني بوفاة النائب بدر ونّوس…
وعلى سبيل التذكير فإن المادة ٤١ من الدستور تنص على انه اذا خلا مقعد في مجلس النواب يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين، وان لا تتجاوز نيابة العضو الجديد أجل نيابة العضو القديم الذي يحلّ محلّه.
أما اذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد الى انتخاب خلف.
وقد سبق اجراء انتخاب فرعي في دائرة جزين حيث حلّ النائب أمل أبو زيد محل النائب المتوفي ميشال الحلو.
وقبل إقرار قانون الانتخابات وضمنه التمديد للمجلس ١١ شهرا، ما كان ممكنا اجراء انتخاب فرعي، فيما الانتخابات العامة قيد التداول، أما بعد اليوم، وحيث صار ثمة قانون انتخابي نافذ، حلّ محل قانون الستين الشهير، أصبح موضوع الانتخابات الفرعية للمقاعد الثلاثة الشاغرة على الطاولة، ليس لمصلحة الانتظام العام وحسب، بل أيضا وقبل كل شيء، لاختبار قانون الخمس عشرة دائرة نسبية، وقياس مقدار تفهم الناخبين له، الى جانب حجم تفاعل الأجهزة الرسمية، مع النمط الانتخابي الجديد.
لكن اذا كان لا بد من اجراء هذه الانتخابات على قواعد القانون الجديد، فهذه القواعد لم تتبن بعد، لا البطاقة الممغنطة جاهزة أو يمكن ان تجهز قبل ستة أشهر على الأقل، وفق التقديرات السابقة لاقرار القانون الجديد ولا اللوائح، ولا فهم الناس للقانون العجيب الغريب كما وصفه أحد السياسيين.
بيد انه كي تجري الانتخابات الفرعية وفق الأصول، يتعين بذل الجهد للإبكار في تحضير البطاقات والجداول واللوائح، لأنه مع بلوغ الستة أشهر، تسقط الضرورة لاجراء هذه الانتخابات، تبعا لانخفاض ما تبقى من ولاية المجلس الى خمسة أشهر، على اعتبار ان فترة التمديد للمجلس ١١ شهرا فقط.
والمسألة مرتبطة بحماسة أهل الحكم، لمثل هذه الانتخابات الفرعية، إذ بيدهم ان يسرعوا التحضيرات، والدوافع حاضرة ومتيسّرة، وأهمها اختبار القانون الجديد، كما ان بيدهم ادارة الظهر، وأبسط الذرائع يجدونها في الفقرة الثانية من المادة الدستورية رقم ٤١ التي تشترط لاجراء الانتخاب الفرعي بقاء ستة أشهر وما فوق من عمر المجلس.
وربما مرتبطة أيضا، بخارطة طريق الحكومة، فاجراء انتخابات فرعية بعد خمسة أو ستة أشهر من اليوم، قد يطرح السؤال: لماذا لا تكون انتخابات عامة؟ فما يجوز قليله يجوز كثيره، لكن ذلك يطرح التغيير الحكومي بطبيعة الحال، فيما الاستحقاقات المنتظرة، قد تتطلب عمرا للحكومة أطول.