لم يمض أكثر من يومين على تمنّي الرئيس نبيه بري على الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري فتح دورة استثنائية حتى أصدر رئيس الجمهورية أمس مرسوم «العقد الإستثنائي» الذي بدا من تاريخ فتحه وتاريخ إنتهائه ان هناك إصراراً رئاسياً على أن يكون «التمديد التقني» (غير القصير) مختلفاً عن التمديدين السابقين غير التقنيين. وبالتالي فإن إنتهاء الدورة الإستثنائية في 16 تشرين الأول المقبل معناه وصل العقد الإستثنائي بالعادي الذي يبدأ في أول ثلاثاء بعد الخامس عشر من تشرين الأول… وهذا يصادف 17 تشرين الأول المقبل أي في اليوم الذي يلي مباشرة إنتهاء الإستثنائي.
إنها بوادر ورشة جديّة يجري التمهيد لها في «لقاء بعبدا» لرؤساء الكتل البرلمانية، ابتداء من يوم بعد غد الخميس. علماً أن هذا اللقاء المرتقب سينتج ما يوازي جدول أعمال (مع قابلية التنفيذ) للإتفاق على مجموعة من القضايا والمسائل والمشاريع التي ستُحال الى مجلس النواب في طالع الأيام… حتى إذا توافق أركان لقاء بعبدا على أي من تلك المشاريع بات مضموناً إقراره في مجلس النواب… باعتبار أن رؤساء الكتل الذين سيجتمعون في بعبدا هم الممَثَلون في مجلس النواب وطبعاً في مجلس الوزراء، ويشكلون الأكثرية اللازمة (في المجلسين) لتمرير أي مشروع قانون أو مرسوم.
حتى موعد الإنتخابات النيابية في السادس من شهر حزيران المقبل (على الأرجح) يكون قد مرّ على العهد العوني سنة ونصف السنة، أي أكثر من ربع الولاية وأقل بقليل من ثلثها… فإذا لم يستفد أركان العهد ممّا تبقى من مهلة زمنية تسبق الإنتخابات تكون «المرحلة الذهبية» قد إنقضت هباء. والواقع أن إنجازات بارزة تحققت في الأشهر الستة الأولى أبرزها (كما قلنا، هنا، سابقاً) إثنان هما إستعادة الجنسية للبنانيين في الإنتشار وإقرار قانون الإنتخاب وما بينهما من مشاريع تختلف أهميتها من مشروع الى آخر. لذلك لا يجوز التوقف هنا بانتظار الإنتخابات التي ستفرز مجلساً في أيار المقبل قد لا يجتمع في غياب العقد العادي بعد أيار وحتى دورة تشرين الأول 2018.
ولا شك في أنّ أمام المجلس الحالي فرصة ذهبية ليثبت نوابه، وإنّ متأخرين جداً، أنّ التمديدات الثلاثة لم تكن كلها عبثاً، وأن هذا المجلس قادر أن ينتج ولو في الوقت الضائع… وفي تقديرنا ان هذا هو التحدّي…
فالعهد مستعجل على الإنتاج. والمجلس مستعجل على إنقاذ سمعته بعد إضافة سنة تاسعة الى الولايات الثلاث التي عاشها أصلاً وتمديداً. ولن يكون في مقدور النواب أن يدعوا أنه قد أُسْقِطَ في أيديهم لأنّ ليس عندهم دورة (عادية أو إستثنائية) ليجتمعوا فينتجوا… هذا كلام بات هو الساقط. فالعقد الإستثنائي طويل، نحو أربعة أشهر وسيكون متصلاً، زمنياً، بالعقد العادي ابتداء من 17 تشرين الأول المقبل… والموضوعات والإستحقاقات وحقوق البلاد والعباد ضاغطة جداً ولقد يكون في طليعتها إقرار الموازنة بصيغتها النهائية وإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي بات واضحاً أمام المعنيين ان عدم اقرارها سيقود البلد الى المجهول.