بتأخير يوم إضافي عن الموعد الذي حدّده وزير الإتصالات جوني القرم لـ»نداء الوطن»، وقبل 21 يوماً من انتهاء عقد تشغيل مرفق البريد من قبل شركة «ليبان بوست»، تسلّمت هيئة الشراء العام يوم أمس، دفتر شروط مناقصة تلزيم تشغيل قطاع البريد معدّلاً. وعليه يتوقّع أن تنجز الهيئة دراسة الملفّ لإبداء الرأي فيه خلال أيام، ليُبنى على الشيء مقتضاه. فإمّا أن تكون وزارة الإتصالات قد تداركت فعلاً الأخطاء السابقة بما يسمح بالدعوة لجلسة تلزيم جديدة، أو أن يدفع التعديل المنقوص لدفتر الشروط إلى مزيد من التأخير في إتمام هذه العملية.
وكانت هيئة الشراء العام قد أبطلت مطلع نيسان الماضي نتائج تلزيم القطاع لصاحب العرض الوحيد الذي قُدّم بجلسة التلزيم التي انعقدت بتاريخ 30 آذار الماضي. إذ كاد التلزيم يذهب لتحالف شركتي ميريت إنفست ش. م. ل. اللبنانية وشركة Colis Privé France المملوكتين من شركة CMA CG، لولا «مخالفات جوهرية» كشفتها هيئة الشراء إثر التدقيق في العرض الوحيد الذي وضع أمامها، سواء من ناحية الخبرة غير الكافية للعارض في إدارة المرفق البريدي، أم من ناحية مخالفته نص دفتر الشروط عبر تقديم عرض مالي يقضي بتقاسم الأرباح مع الدولة بدلاً من الإيرادات. وهذا ما جعل خواتيم هذه الصفقة مخيّبة لحماس وزير الإتصالات الذي سبق له أن وصف إتمام جلسة المزايدة بعد تأجيلها بـ»قصة نجاح».
ومع عودة البحث مجدّداً بدفتر الشروط، فإنّ الاهتمام سيتركّز خلال الأيام المقبلة، وبشكل أدق، على مفاعيل التعديلات التي أدخلتها وزارة الإتصالات على دفتر الشروط وملحقاته. في مقابل توقّف جهات متابعة للملف عند ضرورة أن تكون هذه التعديلات كافية لتوسيع رقعة المنافسة، مع تشديدها على أهمية إعطاء الشركات المتخصصة التي قد تكون مهتمة، مهلة كافية للتقدّم بعروضها.
بتوجّهها لطرح المزايدة مجدّداً، تؤكد وزارة الإتصالات النأي بالنفس عن تسلّم قطاع تشغيل البريد مباشرة، مع أنّ هذا الأمر شكّل أحد الطروحات التي قدّمت في اجتماع برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عقد حديثاً وأوصى إمّا بتعديل دفتر الشروط أو بإنشاء مؤسسة أو شركة عامة تدير المرفق باسم الدولة.
فبالنسبة لوزير الإتصالات هذا لا يعتبر الخيار الأمثل. وفيما هو يبرّر ذلك بالظروف القائمة في البلد وغياب الموازنة العامة، بمقابل الحاجة الى رأسمال إستثماري، رفضت مصادر معنية هذه التبريرات موضحة «إننا نتحدث هنا عن إدارة قطاع مداخيله مضمونة منذ اليوم الأول. كما أنّ البنية التجهيزية لمتابعة هذه الإدارة متوفرة بموجب التقيّد ببنود العقد الموقع مع «ليبان بوست»، والتي تنص على وجوب تسليم الجهة المشغّلة كافة التجهيزات للدولة عند انتهاء عقدها». إلا أن وزارة الإتصالات لا تطرح حتى الآن سوى خيار التلزيم لشركة خاصة بموجب مزايدة. فهل تكون محاولتها هذه المرة ثابتة؟