بعد التدقيق، أوصت هيئة الشراء العام بعدم السير في المزايدة العمومية لتلزيم الخدمات والمنتجات البريدية التي أجرتها وزارة الاتصالات قبل نحو أسبوع، والتي تقدّم إليها عارض وحيد. إذ إن العرض لا يراعي المقتضيات التي وضعتها الإدارة في دفتر الشروط الخاص بالتلزيم. استند التقرير الصادر عن رئيس هيئة الشراء العام جان العلية إلى نقطتين: مدى انطباق مستندات العرض المقدّم من قبل تحالف شركتي “Merit invest – Colis Privé» على الشروط المحددة في وثائق المزايدة، ومدى استجابة العرض المالي المقدم لمقتضيات الشفافية والتوازن المالي للعقود الحكومية وتأمين مصلحة الدولة المالية. ولفت التقرير إلى مجموعة شروط غير متوافرة في تحالف الشركتين (الأولى لبنانية مملوكة من رودولف سعادة صاحب شركة CMA-CGM للنقل البحري التي التزمت تشغيل مرفأ بيروت، والثانية فرنسية لديها رخصة توزيع بريد)، منها:
– تنص شروط التأهيل على ضرورة أن تشمل نطاق خدمة العارض خدمات تسلم وتسليم البريد وخدمات البريد السريع والطوابع البريدية العادية والتذكارية كما المنتجات غير البريدية للهيئات الحكومية. في المقابل، فإن نطاق خدمة Colis Privé France هو توزيع المظاريف وما يرسل في صناديق البريد، تسويق خدمة التسليم المنزلي للبريد والمواد ذات الصلة، التوزيع الخاص للطرود البريدية، التجارة، بيع الهدايا الإعلانية، تنظيم المعارض المتخصصة، عمليات صناعية وتجارية. فيما نشاط Merit Invest SAL يقوم على تملك أسهم وحصص في شركات أو إقراضها، تملك براءات الاختراع والامتيازات والماركات المسجلة، تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة. ما يعني أن الخدمات الإلزامية والمنتجات غير البريدية للهيئات الحكومية بما في ذلك المعاملات الحكومية من تحصيل ضرائب ورسوم ترخيص والتصاريح والوثائق الرسمية ومعاملات الجهات الخارجية، لا تقع ضمن نشاط أي من الشركتين كما أن الخدمات الإضافية لا تتوافق مع موضوع تجارة أي من الشركتين.
– وفقاً لعقد التحالف، شركة Colis Privé France هي العضو الرئيسي في التحالف، بالتالي ستمتلك الحصة الأكبر في الشركة التي سيتم تأسيسها. لكن يتضح من ملف تعريف الشركة ومن موقعها الإلكتروني أنها لا تمتلك مكاتب بريد أو صناديق بريد كما هو مذكور في وثائق المناقصة، بل فقط نقل الطرود لمصلحة الشركات التجارية أو الأفراد عن طريق موقع على شبكة الإنترنت. بالتالي يقع الخطأ هنا على لجنة التلزيم التي منحت للتحالف علامات على هذه المعايير توازي 19 من أصل 20! فيما المعيار الثالث المتعلق بحجم البريد سنوياً للفرد الواحد لا يتطابق مع ما صرحت به شركة colis Prive حول تسليمها 60 مليون طرد بينما المطلوب هو البريد. على رغم ذلك أعطتها اللجنة 14 نقطة من أصل 20. أما المعياران رقم 7 و8 المتعلقان بالكفاءة الفنية ومصداقية خطة العمل، فيكشف تقرير هيئة الشراء العام أن الأرقام الواردة في الخطة التشغيلية المقدمة من العارض افتراضية، وقد وضعت حتى من دون زيارة المواقع والنقاط البريدية ومعاينة برامج المعلوماتية. وهنا أيضاً لم تشر اللجنة إلى أن العارض قدم عرضه من دون زيارة المواقع، بل بالغت في إعطاء العلامات بحيث حصل التحالف على 89 نقطة من أصل 100 في ما يخص الكفاءة وعلى 90 نقطة من أصل 100 في ما يخص مصداقية خطة العمل.
العرض لا يراعي المقتضيات التي وضعتها الإدارة في دفتر الشروط الخاص بالتلزيم
– النقطة الأهم هي تلك التي يأتي فيها العارض على تفنيد عرضة المالي. وبحسب ما قدمته المجموعة العارضة، فإن ما ستناله الدولة اللبنانية يستند إلى اقتطاع نسبة مئوية من إجمالي الربح أي بعد حسم تكلفة البضاعة المباعة والأجور والإيجارات ومخصصات الاستهلاك والمؤونات والأتعاب الاستشارية والمالية. الأمر الذي يخالف جوهرياً وثائق المناقصة التي تشير إلى حصول الدولة على نسبة مئوية من الإيرادات وليس الأرباح. لأن احتساب الربح سيخلق نزاعاً بين الدولة والشركة على كيفية احتسابه وسينتهي إلى فرض الشركة ما تراه مناسباً عندها قد لا تحصل الدولة إلا على الفتات. وبالفعل تثبت الدراسة المالية المسندة إلى الأرقام الافتراضية التي وضعها العارض في عرضه أن حصة الدولة المالية من إجمالي الإيرادات هي أقل من نسبة 5% لست سنوات من أصل السنوات الـ9 ولا تتجاوز معدل 5.5% عن مجمل السنوات التسع. وهي مخالفة فاضحة لدفتر الشروط.
لذلك أوصت الهيئة بعدم السير بالتلزيم لأن صيغة العارض المالية تلحق الضرر بالمال العام وتقلص حصة الدولة. وأكدت ضرورة إعادة الإعلان عن التلزيم مجدداً وصياغة ملاحق العقد ودفتر الشروط باستبدال عبارة «الربح الإجمالي» بعبارة «الإيرادات الإجمالية» أينما وردت لضمان حق الدولة.