للأسبوع الثاني تنجو الحكومة من الانفجار، ليس بقرار داخلي أو بحس مسؤولية لدى أعضائها حيال التحديات الكبيرة التي تتهدد البلاد، بل نتيجة استمرار مظلة عربية ودولية تدفع في اتجاه إنضاج تسوية محلية تواكب مفاعيل التهدئة المطلوبة إقليميا كنتيجة حتمية لتداعيات الاتفاق النووي على المنطقة.
لم تخرج جلسة مجلس الوزراء أمس عن التوقعات. فهي لامست كل الملفات المتفجرة وخاضت في نقاش حولها لكنها لم تخرج بأي قرارات جدية ومسؤولة في شأنها.
وبإستثناء إعلان رئيس الحكومة تمام سلام عن إمكان حل لمشكلة النفايات خلال يومين أو ثلاثة، فإن الجلسة لم تتوصل إلى بت التعيينات العسكرية أو آلية العمل الحكومي أو الاستحقاق المالي المتمثل بالاجازة الحكومية لإصدار أوروبوند، علماً أن الحل الذي تحدث عنه سلام لا يزال دونه عقبات، وقد لا يعالج المشكلة بالسرعة التي يتوقعها رئيس الحكومة، باعتبار أن اعتماد خيار التصدير لن يكون بالسرعة المتوقعة بما أنه مضى على وجود النفايات في الشراع أكثر من 48 ساعة، وهي الحد الاقصى الممكن من أجل فرزها وتوضيبها. لكن ما بدا واضحاً أن أجواء التهدئة الاقليمية ظللت الجلسة، وحكمت نقاشاتها وحالت دون تفجيرها، ورعت إخراج السيناريو المتعلق باستحقاق التعيينات العسكرية ولا سيما موقع رئاسة الاركان.
فوزير الدفاع سمير مقبل اقترح رزمة التعيينات المتعلقة بالمراكز الاربعة الشاغرة: قيادة الجيش والمجلس العسكري ومديرية المخابرات ورئاسة الاركان والامانة العامة للهيئة العليا للإغاثة. لكن مقبل لم يقترح كل الاسماء التي يرشحها. وكان لافتاً أنه قدّم مرشحين لقيادة الجيش وفق التراتبية العسكرية، حَل العميد شامل روكز في المرتبة الرابعة فيها. في حين قدم ثلاثة أسماء للمجلس العسكري من أصل ستة ( الماروني والدرزي والسني) وأهمل المراكز الثلاثة الاخرى (الشيعي والكاثوليكي والارثوذكسي) مما أثار إعتراض ممثلي هذه المذاهب.
ولأن ولاية رئيس الاركان تنتهي غداً الجمعة، أي قبل ايام من الجلسة المقبلة، فإن مقبل، قبل توجهه إلى مصر أو بعده، للمشاركة إلى جانب رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة تمام سلام في تدشين قناة السويس، سيوقع قراراً بتأجيل تسريح اللواء الركن وليد سلمان. وعلم أن التأجيل سينسحب أيضاً على المراكز الاخرى، بحيث يوقع مقبل قرار تأجيل تسريح قائد الجيش كذلك وربما يكون وقع ليل أمس.
ورغم أجواء التهدئة، تشير المعلومات المستقاة من مصادر وزارية عدة إلى أن “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” سيكون لهما ردة فعل تصعيدية حيال مثل هذا القرار، ولكن لأسباب مرتبطة بحسابات إنتخابية داخل التيار، يقف الحزب فيها إلى جانب حليفه.
وفُهم أن التسوية لا تتعلق بمسألة التعيينات وإنما بسلة متكاملة ترمي إلى تفعيل الحكومة والمجلس النيابي (عبر إحياء التشريع) وقيادة الجيش. ولكن المعلومات تتضارب حول ما إذا كانت ستشمل رئاسة الجمهورية أو لا.
وفي حين تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن التسوية ستلحظ رزمة متكاملة من ضمنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، استبعدت مصادر أخرى لا تقل إطلاعاً هذا الامر ورأت أن التسوية ستتوقف عند تفعيل العمل الحكومي والنيابي، أما الرئاسة فتحتاج إلى نضج المشهد الاقليمي وحصة لبنان من مفاعيل الاتفاق النووي، مشيرة إلى أن الاستحقاق الرئاسي لا يزال دونه عقبات سعودية – إيرانية من الخارج وعونية من الداخل. وعلقت المصادر أهمية كبرى على الجولة التي سيقوم بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال الايام المقبلة في عدد من الدول العربية والخليجية المعنية بالوضع الاقليمي المتفجر لشرح حيثيات الاتفاق النووي. وعلم أن لبنان سيكون ضمن الجولة الثلثاء المقبل.