اتجاه نيابي قوي لترحيل إقرار الموازنة في المجلس إلى ما بعد الانتخابات
هل يكون حل زيادة العجز وقف الإنفاق على المشاريع غير الضرورية؟
بالتوازي مع الاستعدادت والتحضيرات للاستحقاق الانتخابي الذي يفصلنا عن موعده قرابة الشهرين، تنكب اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون موازنة 2018 بمناقشة تفصيلية وبأقصى جهودها للمشروع لرفعه الى مجلس الوزراء لكي يكون جاهزا لاقراره في أسرع وقت ممكن، وإحالته الى المجلس النيابي لدرسه واقراره بشكله النهائي. مع العلم ان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري كان وعد بانجاز المشروع قبل نهاية العام الماضي، ولكن بسبب الظروف السياسية التي طرأت حينها وادت الى استقالته في بداية شهر تشرين الثاني الماضي وما تبعها من احداث ثم العودة عنها بعد قرابة الشهر، كل هذه الامور ادت الى شلل حكومي انعكس على الكثير من المواضيع ومنها مشروع قانون الموازنة.
وبعد التأكيد على عقد المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان والتي حددت مواعيدها وتُستهل في منتصف الشهر الجاري في العاصمة الايطالية روما من خلال عقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني والقوى العسكرية والذي سيليه مؤتمر «سيدر» في السادس من نيسان ثم مؤتمر بروكسل في نهاية الشهر المذكور كان لا بد للحكومة من الاسراع بالقيام ببعض الانجازات المالية والاقتصادية لمواكبة هذه المؤتمرات، خصوصا ان هناك شروطا دولية على لبنان من اجل مساعدته بتنفيذ اصلاحات مالية ضرورية، فكان هذا الاستنفار السياسي المالي من قبل االقيادات السياسية بعد التوافق الذي حصل في ما بينها بضرورة انجاز مشروع موازنة العام 2018 في وقت سريع قبل فوات الاوان حيث اصبحت مواعيد المؤتمرات ضاغطة وقبل ان نخسر الدعم الدولي، لانه إذا لم تقر الاصلاحات فإن الضرر سيكون كبيراً على لبنان.
مصادر مالية مشاركة في اجتماعات اللجنة الوزارية تشير الى ان العجز بلغ 29.68% مقارنة مع 31.33% من موازنة العام 2017، مما يعني ان هناك زيادة بنسبة 6.45% في النفقات. وهذا الامر حذر منه صندوق النقد الدولي مشددا على وجوب تخفيض العجز لانه لا يمكن الاستمرار بهذا الحجم من النفقات، من جراء زيادة سلسلة الرتب والرواتب وانعكاساتها خصوصا ان عجز الكهرباء ما زال كبيرا وكما اصبح معروفا فقد تم تخصيص مبلغ 2100 مليار ليرة لسده اي حوالي 8% من مجموع الموازنة، لذلك تؤكد هذه المصادر على ضرورة التوصل الى حل جذري لعجز الكهرباء بإعتبار ان الوضع لم يعد يحتمل استمراره عما هو عليه.
وتشير المصادر المالية الى ضرورة إجراء الإصلاحات المطلوبة والمحافظة على عدم زيادة الدين مهما تطلب الامر، من هنا كان قرار عدم زيادة الدين العام وتخفيض نسبة 20% على ارقام الموازنة ، ودعت المصادر الى احترام هذا القرار لانه لا يمكن تحمل زيادة في المصاريف حفاظاً على الاستقرار المالي المطلوب من لبنان.
وكشفت المصادر على اقتراحات وافكار حول تقديم بعض الحوافز الهامة، داعية الى وقف الانفاق نهائيا بما فيها المشاريع غير الضرورية، وترى هذه المصادر ضرورة اشراك القطاع الخاص مع القطاع العام في المشاريع الاساسية التي لا يمكن الاستغناء عن تنفيذها مع ضرورة اعطاء ضمانات وحوافز للقطاع الخاص محليا ودوليا، وتشير الى ان مؤتمر «سيدر» سيركز على هذا الامر. وذكّرت المصادر بوجود طاقات لبنانية كبيرة ومتميزة ويمكن الاستفادة منها شرط اعطائها ثقة بالتعامل مع القطاع العام.
وتشير هذه المصادر الى انه اذا استمرت الارقام المقترحة في هذه الموازنة كما هي، فنحن امام عجز كبير يتجاوز 8000 مليار ليرة لبنانية. وهناك بعض الانفاق الاضافي من المتوقع ان يُضاف الى هذا الرقم، خاصة في ما يتعلق منه بعجز الكهرباء، وتلفت هذه المصادر الى ان ما يتم تخفيضه حاليا من خلال اللجنة الوزارية لا يمكن معرفة حجمه النهائي الا بعد الانتهاء من عملها وجمع الارقام وتبيانها ولكنها تتوقع ان تكون هذه التخفيضات خجولة بالنسبة لما هو مطلوب من لبنان على صعيد الاصلاحات. خصوصا بالنسبة الى القيام بخطوات جدية بتخفيض كلفة الدين العام التي تصل الى حدود 33% من مجمل نفقات الموازنة، وتشير هذه المصادر الى ان الموازنة لا تتضمن اي اجراءات ضرائيبية جديدة، وليس فيها اي زيادة او اقرار لضرائب جديدة ولا مشاريع قوانين برامج جديدة فيها لأن هذا الامر التزمت به الحكومة امام المجلس المجلس النيابي عند اقرار موازنة العام 2017 نتيجة قراره.
وتعتبر المصادر ان الحكومة تسعى لانجاز موازنة اصلاحية تقشفية لكن في النهاية المجلس النيابي هو من سيتخذ القرار الذي يراه مناسبا، ولا تتوقع هذه المصادر اقرار المشروع في المجلس النيابي الحالي بسبب قرب موعد الانتخابات النيابية، وترى المصادر انه وعلى رغم الوتيرة السريعة التي تعمل بها اللجنة الوزارية فإن الامر لا يزال يحتاج الى مزيد من الاجتماعات لدقة وأهمية الملف المالي.