«لسنا نبيع سمكا في البحر او مواقف تشجيعية عندما نجمع ونعمل كدول كبرى على ثابتة الحفاظ على الامن والاستقرار في لبنان، عبر دعم المؤسسات العسكرية والامنية والمالية وفي طليعتها الجيش اللبناني ومصرف لبنان».
هذا الكلام المنسوب لسفير دولة كبرى معتمد في بيروت، قاله في سياق تفسيره وتقييمه للوضع الراهن على الساحتين الداخلية والاقليمية، خلص في خلاله الى اعادة التأكيد والتشديد على مسلمتين هما: «ممنوع المساس بالمؤسسة العسكرية اي بالامن اللبناني، وممنوع المساس بالبنك المركزي اي النقد الوطني، لانهما ضمانة الاستقرار في لبنان، واي خلل يعتريهما سيؤدي الى توترات منبعها اجتماعي معيشي ومآلها امني».
عندما يبدأ السفير المذكور الحديث في الاتجاهين الامني والنقدي، يوحي انه لا يريد ان يتوقف عن البوح بأسرار هي عبارة عن انجازات محققة، ويكفي ايضاحه ان «الاجراءات النقدية والمالية والتعاون الكبير الذي يبديه مصرف لبنان والقطاع المصرفي اللبناني، ساعدا الى درجة كبيرة في عملية تجفيف تمويل الارهاب التكفيري المتمثل بداعش والنصرة واخواتهما واصلهما القاعدة. لقد أبلى القطاع المصرفي اللبناني بقيادة مصرف لبنان بلاء حسنا في هذا المجال وهو مستمر في اجراءاته وتعاونه الموصوف والمقدّر».
اما على الصعيد العسكري والامني فيشير المصدر نفسه الى «انجازات الجيش اللبناني في التصدي للارهاب على الحدود الشرقية وعلى ملاحقة الارهابيين في الداخل، وهذا ما تقوم به ايضا وبنجاح الاجهزة الامنية من مخابرات الجيش والامن العام وقوى الامن الداخلي وكل الاجهزة الرسمية المعنية. وما عزز من قدرة هذه الاجهزة هو التعاون والتنسيق بينها اللذان اثمرا انجازات كبيرة ومستمرة، ومما سهل على لبنان كحكومة ومؤسسات ترجمة التعاون مع دول العالم في مكافحة الارهاب وفق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن».
«لا اريد ان يفهم كلامي على انه تضخيم في غير محله هدفه بث روح الثقة والاطمئنان في نفوس الاجهزة اللبنانية والشعب اللبناني»، يؤكد المصدر نفسه، «انما اقول لكم بثقة كبيرة جدا، ان لبنان عبر اجهزته العسكرية والامنية هو العين الثاقبة في منطقة الشرق الاوسط للمجموعة الدولية المحاربة للارهاب، وما يبهرنا هو الجهوزية الدائمة والاستنفار المتواصل والجهد المتراكم في رصد ومتابعة العمل على توقيف الارهابيين والمجموعات الارهابية بلا اي تراخٍ او تراجع، وايضا ابهرتنا هذه المؤسسات في تطبيقها الحرفي لمفهوم الامن الاستباقي الذي يوفر على لبنان ودول المنطقة والعالم الكوارث الحقيقية».
ويكشف المصدر ولأول مرة نموذجا حديثا عن الفعل الامني اللبناني ويقول: «هل تذكرون في اوائل الشهر الجاري البيان الصادر عن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) والذي تضمن الكشف عن اسر مسؤول الاسلحة الكيماوية في تنظيم الدولة الاسلامية في العراق؟ يومها وصف اسر سليمان داود البكار الذي يعرف بأبو داود بالانجاز الضخم الذي يزيح زعيما مهما لتنظيم داعش عن ساحة المعركة، وهو الذي كشف تفاصيل بشأن منشآت وانتاج الاسلحة الكيماوية التابعة لتنظيم داعش والافراد المعنيين بذلك، وهذ المعلومات كنز للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة داعش».
يتابع المصدر: «الى الآن لا جديد في الامر، انما الجديد الخطير الذي يستحق ان نحني له الرأس هو ان توقيف ابو داود الكيماوي الداعشي هو احد انجازات الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية والتي لولاها لما تمكّنّا من اسر هذا الارهابي الخطير الذي يهدد العالم بأسره عبر الاسلحة الكيماوية المصنعة، والمعلومات الامنية اللبنانية كانت حاسمة في هذا المجال، وبرهنت عن حرفية استخباراتية عالية جدا قلّ نظيرها».
يختم المصدر قائلا: «هل ما زلتم تتساءلون لماذا الجيش والاجهزة الامنية والمؤسسات المالية، اي الامن والنقد في لبنان خط احمر، ممنوع المساس بهما؟».