يقوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بزيارتين الى كل من الولايات المتحدة الاميركية أولاً ثم روسيا، والهدف معلن سلفاً: التنسيق والاستعداد للقضاء على «داعش». لا نلوم الرئيس هولاند على أي خطوة يتخذها في هذا السياق بعدما تعرّضت فرنسا لأكبر عملية إجرامية – إرهابية تحاكي بشكل أو بآخر عملية 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، إلاّ أننا نود أن نلفت عناية هولاند الى الآتي: هل استطاعت واشنطن بعد 11 أيلول القضاء على «القاعدة»؟
طبعاً لا، احتلت أفغانستان وشنت حرباً ضروساً على «الطالبان»… فماذا حققت؟ لقد ازدادت «طالبان» قوة. غزت العراق… ماذا حققت؟ حلّت الجيش العراقي، ومنذ العام 2003 حتى اليوم لم يتحقق هدف واحد من سلة الأهداف التي رسمتها لنفسها في العراق، والعكس صحيح، فالعراق اليوم ما زال يعيش منذ أكثر من 12 سنة مأساة حقيقية، ويكفي دلالة على ذلك أنّ «داعش» تحتل مساحة في العراق وسوريا أكبر من مساحة بريطانيا.
هناك نقطة مهمة يجب ذكرها وهي أنّ طائرات السوخوي ورافاييل وحاملة الطائرات شارل ديغول يمكن أن تكون ذات فعالية في الحروب بين الجيوش، أما مواجهة «داعش» فهي حرب عصابات.
وإذا كانوا يريدون حلاً جذرياً، فهذا الحل يبدأ من إزاحة بشار الاسد من الحكم، وإجراء مصالحة وطنية في سوريا.
بدلاً من إهدار المليارات الكثيرة على السلاح والقتل كان يجب إنفاقها على العلم والصناعة والزراعة، ما يلغي السبب الأساس لأي متطرف دينياً ليكون في الموقع الداعشي أو ما يشبهه. إنّ الفقر والجهل هما البيئة الحاضنة للتطرف الديني، لأنّ الإنسان يكون قد خسر كل شيء فيتجه الى التطرف.
على الأمم صاحبة القرار أن تدرس كيف يصل الانسان الى مرحلة اليأس المطبق الى حد تفجير نفسه بنفسه. يا جماعة… عالجوا أسباب المشكلة وليس عوارضها… مهما كانت هذه العوارض خطيرة.
إزاحة بشار، معالجة قضية فلسطين وشعبها المحقة، واستئصال الظلم والقهر والجهل، كفيلة بألاّ يبقى داعشي واحد.
يكفي قتلاً لهذه الشعوب واستنزافها في تجارة السلاح.
فليعتبروا مما جرى في فرنسا، وربما سيجري في غيرها غداً… وهو مسلسل دموي رهيب لن يتوقف ما لم يعالجوا الاسباب الحقيقية للمشكلة.