هل كانت “كلفة” وصول اي من رباعي الزعماء الموارنة الذين جمعتهم بكركي سعيا الى تزكية احدهم للرئاسة “أشد فداحة” على الواقع المسيحي واللبناني من الفراغ؟
قد يقول قائل ما الداعي للتساؤل مجدّداً عن هذه الفرضية فيما تجاوزت ازمة الرئاسة كل الظروف التي استولدتها وصارت في مقلب مسدود تماماً، على رغم كل الحوارات الجالسة أو الطائرة أو التحيات التي يعبق بها فضاء مأزوم. والواقع انه لا بد من العودة الى هذه العقدة لان كثيراً مما يسبح به الفضاء اللبناني في ازمة رئاسة الجمهورية بات اشبه بعلك الصوف الممل فيما لا ينم مجمل المهرجان “الحبي” الطالع علينا مع مواسم الحوارات عن اي تغيير في قواعد الاشتباك الرئاسي.
توشك هذه الازمة في شهرها التاسع، (لمن فاتهم العد)، على بلوغ مرتبة ثاني أطول ازمة رئاسية منذ فراغ ما بعد نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام ١٩٨٨ وتجاوزها مدة الفراغ الذي حل بعد العهد الممدد للرئيس إميل لحود عام ٢٠٠٨. واستنادا الى الحيثيات والأبعاد المرتبطة بكل من الزعماء الاربعة الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والنائب سليمان فرنجية لا تزال مجريات الكواليس الرئاسية تدور حول المرشح “القوي” نسبة الى الاربعة ولم تنتقل تاليا الى دائرة المرشحين التوافقيين أو المستقلين في إيحاءات الحوار العوني – القواتي. وبمعزل عن اجندات الشركاء المسلمين والكلام المضخم عن ربط الازمة باحتمالات الصفقة النووية في الربيع نتساءل: هل كانت الازمة تعملقت الى هذا الحجم وأفضت الى تهديد النظام الدستوري برمته لو ولد “تفاهم بكركي” باختيار زعيم من الرباعي يحظى بغطاء القوى الأكثر تمثيلا لدى المسيحيين؟ الجواب جاهز سلفا ومعروف وهو الخشية من ارتباطات هذا المرشح أو ذاك بما يجعل وصوله عنوانا محوريا اقليميا. ولكن أليست التغطية المارونية شبه الساحقة للمرشح “القوي” قادرة على فرض استقلالية واسعة لرئيس لا يدين بوصوله الا لهذه التغطية وبشروطها فقط، وتاليا ًيحمل وصوله بهذه الطريقة الانقلاب المطلوب على التدخل الخارجي في الاستحقاق الرئاسي؟
لا هذا التفاهم حصل أو سيحصل ولا تفاهم آخر يبدو “مسموحا” أو متاحا حتى الآن بإطلاق الخيارات المبدئية امام المرشحين من خارج دائرة محتكري القوة التمثيلية. ولكن الأنكى والأدهى في مسار الفراغ ان القوى المسيحية في مجملها لم تحسب بعد لإمكان ان تتفلت اللعبة ليس من أيديها فقط بل من أيدي شركائها المسلمين ايضاً أيّاً جاءت صورة الصفقة النووية، وعندها لن تبقى الرئاسة اللبنانية وحدها هائمة في فراغ قياسي بل كل النظام الواقف الآن على مشارف الهوة السحيقة.