IMLebanon

صلّوا لاستسقاء الرئيس!

ليس في جعبة بابا نويل رئيس للجمهورية يحمله الى البلد البائس ملفوفاً بورق ملون ليلعب به أطفال السياسة ويفرحون، وليس وراء بوابة السنة الجديدة التي ستُفتح بعد ايام رئيس ينهي مهزلة الفراغ المدوّي في المقام كما في بعض العقول المسيحية خصوصاً!

الرؤساء غالباً ما تصنعهم الشعوب، فهل نحن شعب يجيد صناعة الرؤساء؟ هل نحن شعب يعرف كيف يختار المسؤولين ويتذكر ان الذين يعطيهم التكليف العام وينصّبهم نواباً عنه، ليسوا في معظمهم أكثر من قبضة انتهازيين فاسدين ومفسدين، تماماً مثل مسلخ بيروت لكنهم يسلخون جلد “شعب لبنان العظيم”، ومثل مزرعة دواجن والذبح يجوز في الدجاج وفي اللبنانيين، ومثل بعض المستشفيات ينظّم الفواتير في علاج الموتى والأشباح، ويدفع اللبنانيون من مالهم السائب وما أكثر الحرام و”الحراميي”؟

ليس في عربة سانتا كلوز رئيس للجمهورية البائسة يلقيه من مدخنة القصر حيث يسود الفراغ ليتهاوى ما تبقى من الوطن، وفي أي حال المدخنة مغلقة يسدّها جنود مريم وحلفاؤهم، لمصلحة “المختار” الذي يظن ان المجوس حملوه إلينا كمخلّص، وان ليس من يشعل النار مثله في بعبدا فالعشب طويل والفراغ كبير، أطول من صبر أيوب وأكبر من حماقة بعض المسيحيين الذين طالما جعلوا من المقام الرئاسي لعبة في البورصة المحليّة والإقليمية والدولية، وأيضاً بعض المسلمين، الذين يرهنون هذا المقام لحساباتهم ونوازعهم الإقليمية والمذهبية، وننسى كلنا الردح “لبنان يا بلد التعايش”.

ليسمحوا لنا: آن الأوان لنستحي ونشهِر الخجل جميعاً مما وصلنا إليه. ها نحن نتسول رئيساً في عواصم العالم ولا أدري ما قيمة جمهورية نتسوّل رئيسها تسوّلاً، نستحق ما هو اكثر من الخجل، خصوصاً ونحن نقرأ تصريحات الموفدين تباعاً يحاولون منذ أشهر معالجة أزمة الإستعصاء الرئاسي، حتى الأمم المتحدة ومجلس الأمن دعوَا الى انتخاب رئيس، وحتى السماء ضاقت بصلوات الفاتيكان والكاردينال بشارة الراعي ولكأننا نستسقي رئيساً من الغيوم!

قيل ان الذي حمل آخر الموفدين فرنسوا جيرو الى لبنان، هو الموقف الايراني المستجدّ وفحواه: “ليتفق المسيحيون على رئيس ونحن نؤيده وندعمه عند حلفائنا”، وقيل ان هذه الأجواء حملت إلينا ميخائيل بوغدانوف الذي التقى ٢٢ مسؤولاً حكومياً وحزبياً [من غير شر]، مستنداً في مهمته الى ثقل الكلمة الروسية في طهران، لكنها غمامة أمل عبرت سريعاً امام نوافذ الرئيس نبيه بري، فلبنان باق في قبضة الفراغ.

لم يكن سهلاً على تمام سلام ان يدعو من الإليزيه الى مساعدة لبنان على انتخاب رئيس، ولا سهلاً على اي مواطن لبناني ان يتعرض لهذا المسلسل من الإزدراء، امام نصائح الموفدين الذين “يكرزوننا” كأطفال حضانة في اهمية انتخاب رئيس لأن وطننا يتهاوى وسط الحرائق الإقليمية.