«ركب المشكل» في البلد قبل الاجتماع الأوّل لحكومة «إقطع والصق» ـ حتى لا نقول شيئاً آخر ـ حكومة «كلّ وزير فاتح عحسابو»، قد لا تنحو الأمور باتجاه التصعيد في الاجتماع الأول للحكومة، لكنّها لا بدّ ذاهبة باتجاه التصعيد على الأقل في بعض الملفّات الساخنة كملفّ مخالفة القانون بتوظيف ما يقارب خمسة آلاف موظف عبر التعاقد، ويبدو أن تعامل رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيكون صارماً مع الجهة التي وظّفت وخالفت القانون!
لبنان بلد «يركب فيه المشكل» بسرعة قياسيّة، خصوصاً أنّنا أمام حكومة لا تجانس بين وزرائها، بالتأكيد الصدام في المواقف متوقع، فهذا الانقسام والتنازع خصوصاً في وجود الوزراء المؤيدين لبشار الأسد ونظامه والدّاعين إلى الانفتاح عليه شهدته الحكومة السابقة ولم يكترث عدد من الوزراء وزاروا سوريا، ولم يتغيّر شيء مع هذه الحكومة والأمور ستتكرّر في هذه الحكومة فولاءات بعض الأفرقاء المشاركين فيها تضع إيران والنظام السوري قبل لبنان، ومن المؤسف أنّ هذه هي الحقيقة، و»التشاطر» والعجز مستمرّان تحت عنوان «النأي بالنّفس»!
علينا أن نترقّب اليوم دخول الوزراء ومغادرتهم للجلسة الأولى للحكومة لنراقب درجة حماوة التصريحات والردود المتبادلة بين أطراف التراشق وتسجيل التحفظات خلال الجلسة، من المؤسف أن كلّ مفاعيل الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد هي في ذات الوقت مفاعيل تفجير حال الهدوء الحذر الملتبس الذي يسيطر حتى الآن على المشهد اللبناني الهشّ إلى أبعد الحدود!
وهنا لا بدّ من ملاحظة التواطؤ على النفس الذي يمارس تحت عنوان «النأي بالنّفس» والذي يصاحبه تواطؤ دولي على لبنان في الحديث عن هذه «الخدعة» التي يمارس «العاجزون» في السياسة عجزهم وراء عنوانها، فيما يستمرّ عنوة إسقاط هذا العنوان «الوهمي» و»ع راس السّطح»، ومع هذا يُراد لنا أن نصدّق أنّ هناك «قانون» اسمه «النأي بالنّفس» يحكم الجميع!
وقبيل انعقاد الجلسة الأولى للحكومة اليوم، لا نعرف إن تناهى إلى مسمع وزرائها ما تناقلته نشرات الأخبار بالأمس من تهديدات أطلقها أحد المواطنين من أصحاب الشاحنات الذي اعتصموا بالأمس على طريق خلدة هدودا بإحراق أنفسهم وأولادهم وشاحناتهم وبيوتهم، نلفت نظر الجميع خصوصاً الوزراء الذين يبدأون اليوم خطواتهم الأولى على طريق الحكومة، «إنتبهوا أيها السيدات والسادة» لغة «الحريق» تقتحم المشهد اللبناني بعدما كسر حاجزها وفعلها المواطن جورج زريق، حذار ثمّ حذار حال اليأس التي بلغها النّاس!
على حكومة «هيا إلى العمل» أن تأخذ في الإعتبار الحال التي بلغها الشعب اللبناني الذي يعاني من «متلازمة اللامبالاة»، والذي في ظاهره لم يعد «يغضب» أو «يثور» لأيّ أمر، هذا النوع من المرض العام ستنكسر في لحظة ما، و»يا خوفكم» إذا تخطّى اللبنانيّون هذه المتلازمة المرضيّة التي تحكم الشعب اللبناني بفعل أداء الحكومات المتعاقبة المخجل وحال الإحباط من الطبقة الحاكمة برمّتها!
المئة يوم «ورا الباب»، ليس هناك أسرع من مرور الوقت، والعيون «عشرة عشرة» على أداء الحكومة وسرعة وجديّة عملها، خصوصاً وأنّ اللبنانيّين يدركون أنّها جاءت في وقت بدأ فيه غرق «التيتانيك» اللبنانيّة بمن فيها!
ميرڤت سيوفي