اليوم 14 شباط ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه… وهذا خطاب افتراضي لِما يمكن أن يقوله اليوم نجله الزعيم الشاب سعد الحريري في احتفال البيال.
أيها اللبنانيون…
اليوم تمرُّ الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد مَن أصبح رمزاً لبنانياً وعربياً، ومَن كان زعيماً لكلِّ لبنان ومَن كان نائباً عن كلِّ اللبنانيين ورئيس حكومة كل لبنان.
على بُعد مئات الأمتار من هنا، روى بدمائه أرضاً أزهرت ربيع الأمل بالحرية والسيادة والإستقلال…
وعلى بُعد مئات الأمتار من هنا، زُرع في الأرض التي بنى وعمَّر…
وعلى بُعد أمتار من هنا، كان يتنقَّل بين السراي الحكومية ومجلس النواب، مُلاحقاً ومتابِعاً ومدقِّقاً، وليست مصادفة أنه قبل وقت قصير من استشهاده كان في مجلس النواب يُناقش في القانون الجديد للإنتخابات النيابية.
أيها اللبنانيون…
في ذكرى استشهاد رفيق الحريري، الرئيس والأب والزعيم والرمز، لا بدَّ من وقفة على كلِّ المستويات لاستكشاف أين كنا؟
وأين أصبحنا؟
ومن هنا إلى أين؟
مُكابرٌ مَن يعتقد بأنَّ البلد بألف خير، الحقيقة ليست كذلك، فمنذ زلزال 14 شباط 2005، والزلازل تتلاحق… ثلاثة عشر عاماً ورموز من ثورة الأرز يستشهدون تباعاً:
وزراء ونواب وصحافيون وقادة أمنيون ورؤساء أحزاب، لكن 14 آذار بقيت.
حربٌ اسرائيلية اندلعت في تموز 2006 فوضعت البلد برمته على كفِّ عفريت، لكنَّ البلد عاد فقام.
فراغٌ على مستوى رئاسة الجمهورية امتدَّ على مدى سنتين ونصف السنة، وكاد أن يضع مؤسسات الدولة على حافة الإهتراء.
عدم احترام المواعيد الديمقراطية، فكان تمديد لمجلس النواب حتى أيار المقبل، بدلاً من أن تُجرى عام 2013.
عدم انتظام السلطة التنفيذية والحياة البرلمانية ما جعل الموازنة العامة للدولة تغيب إثني عشر عاماً.
أيها اللبنانيون…
إذا لم نتصارح ونُشخِّص الحالة المرضية التي نحن فيها، فلا إمكانية للعلاج…
ما سبق هو التشخيص، أما العلاج، الذي أراه ملائماً، فهو من تجاربنا جميعاً، وفي المقدمة من تجربة الرئيس الشهيد:
كم نحن بحاجة إلى ترجمة ما كان يقوله:
ما حدا اكبر من بلدو.
كم نحن بحاجة إلى رفيق الحريري المدرسة والجامعة ووسط بيروت والمطار والبنى التحتية والأوتوسترادات.
رفيق الحريري أنجز البنى التحتية واستثمر في الإنسان.
لم يَهَب الخطر، كان يعرف أنه مستهدَف، أكثر من جهة دولية موثوقة أبلغته ذلك، لكنه كان مصراً على الوصول بسفينة الوطن إلى شاطئ الأمان… صحيحٌ أنَّ الإرهاب غلبه، لكنَّه لم يغلب العزيمة لدينا على أن نواصل طريقه ونهجه…
أيها اللبنانيون…
ليس من باب المغالاة القول إننا سنبقى على خطى الرئيس الشهيد رفيق الحريري مهما طال الزمن…
وأنا، سعد رفيق الحريري، سأبقى حاملاً وعده وعهده طالما بقي نبضٌ في عروقي…
رفيق الحريري وضع لبنان قبل حياته، وأنا لست أفضل من رفيق الحريري، أنا ابنه في كلِّ شيء… حتى في الشهادة، إذا لَزِمَ الأمر.
أيها اللبنانيون…
على مسافة أقل من ثلاثة أشهر، ستتوجهون إلى صناديق الإقتراع لتضخوا دماءً جديدة في عروق الديمقراطية، لا حاجة لأن يقول لكم أحدٌ أن تنتخبوا للأمانة وللوفاء، وليس لمَن يدغدغ مشاعركم بالوعود البراقة التي ينكرها أصحابها مساء السادس من أيار، قبل أن يبزغ فجر السابع من أيار مع ولادة مجلس النواب الجديد.
أيها اللبنانيون…
أمدُّ يدي إلى أياديكم وأشدُّ عليها لنبني معاً لبنان والإنسان اللبناني وجيل الشباب، كما أراده لنا الرئيس الشهيد وسائر الشهداء أن يكون.
عشتم وعاش لبنان.