الرئيس تمام سلام، حرص على أن يُعلن من نيويورك بعد اجتماعه إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن الأخير أرجأ زيارته التي كانت مقررة إلى لبنان في تشرين الثاني المقبل لحثّ القيادات اللبنانية على التفاهم فيما بينها لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لأن استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى بسبب خلافاتهم الداخلية سوف يؤدي في نظر العالم إلى انعكاسات خطيرة على لبنان الذي ما زال يحظى بغطاء دولي للحفاظ عليه وتحييده عن الصراعات الكبيرة التي تعصف بالمنطقة، ومنها الأزمة السورية التي اتخذت بُعداً دولياً بات يُهدّد بامتدادها إلى دول الجوار ولبنان هو الدولة الأقرب إليها وهو يُعاني من إرتداداتها.
واللافت أن هذا الإعلان عن تأجيل وربما عن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي جاءت بعد محادثات أجراها هولاند مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، وكان لبنان محور هذه المحادثات مما يعني أن الرئيس الفرنسي استنتج من هذه المحادثات أن الجانب الإيراني ما زال متمسكاً بالورقة اللبنانية وتوظيفها في البازار السياسي الإقليمي والدولي، الجاري على قدم وساق بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية بعد إبرام الاتفاق النووي والانتقال إلى مرحلة تنفيذه في أوائل العام المقبل. وما يُعزّز هذه الفرضية ما سرّب الإعلام عن المحادثات الإيرانية – الفرنسية ومفاده أن الموضوع اللبناني ما زال يقتضي مزيداً من البحث وأن زيارة هولاند التي كانت مقررة إلى لبنان قد أرجئت إلى موعد آخر وربما ألغيت وهذا بحدّ ذاته مؤشر كافٍ إلى غياب أي معطيات تحمل الرئيس الفرنسي الذي يرعى الوضع اللبناني إلى تكبّد عناء المجيء خالي الوفاض.
ومن الطبيعي أن ينعكس هذا التطور على الوضع الداخلي برمته ومن باب أولى أن ينعكس على مناقشات المتحاورين في الجلسات التي ستعقد بين السادس والثامن من شهر تشرين الأول المقبل وخصوصاً بعد كلام أمين عام حزب الله الذي تزامن مع الإعلان عن تأجيل زيارة الرئيس هولاند والذي يكاد وحده يكفي لتظهير الصورة الرئاسية بدعوته أركان الحوار في حال تعذّر التوافق على بند انتخاب رئيس إلى الانتقال للبنود الأخرى، ومن ثمّ إعادة التأكيد على تمسكه بالعماد ميشال عون كمرشح وحيد للرئاسة فضلاً عن تمسكه بقانون انتخابي على أساس النسبية، الأمر الذي رفضه أركان الرابع عشر من آذار الذين لبّوا دعوة الرئيس برّي إلى انعقاد طاولة الحوار شرط أن يكون بند انتخاب الرئيس الأول على جدول أعمال الطاولة وعدم الانتقال إلى أي بند آخر قبل التوافق عليه.
وأمام هذا المشهد تتوسع دائرة التساؤلات حول جدوى استمرار الحوار وبالتالي حول مصيره إلا إذا كان الرئيس برّي ما زال يأمل في حصول معجزة كأن تغيّر إيران موقفها أو أن يتخلّى حزب الله عن حليفه عون لمصلحة رئيس توافقي يصرّ عليه فريق الرابع عشر من آذار، الأمر الذي يبدو بناء على المعطيات الإقليمية والدولية القائمة من المستحيلات؟