قدم معهد التمويل الدولي تقديرات بسيطة لحجم التهرب الضريبي في لبنان لا تتجاوز الـ 150 مليون دولار سنوياً، بشكل متناقض جدّاً مع تقديرات الهيئات الاقتصادية والخبراء، والتي تتراوح بين مليار و 4 مليارات دولار.
بانتظار صدور قرار المجلس الدستوري حول الطعن المقدم بالقانون الرقم 45 المتعلّق بالموارد الضريبية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، يبقى تعليق هذا القانون ملزِماً الى حين اعلان المجلس الدستوري، إما رفض الطعن أو قبوله أو ابطال بعض مواد القانون.
والى حين صدور قرار المجلس الدستوري، قدم معهد التمويل الدولي 2 سيناريو حول مسار المالية العامة:
– يفترض السيناريو الاول إلغاء الزيادة الضريبية بشكل نهائي وان تقوم الدولة ببعض الجهود لمحاربة التهرب الضريبي. ووفقا لهذا السيناريو، توقع معهد التمويل الدولي ان تتحسّن ايرادات الدولة من 20,1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 20,3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 والى 20,5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019، مع ارتفاع الايرادات الضريبية من 14,2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 14,4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 والى 14,6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019.
وبالتالي، رجح معهد التمويل الدولي ان يبلغ العجز المالي 8,9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 و9,1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018، قبل ان ينخفض العجز المالي الى 8,4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019، في حين توقع المعهد ان يرتفع الدين العام من 150 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 151,2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 و152,4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019.
– يفترض السيناريو الثاني الذي رسمه معهد التمويل الدولي، إقرار كافة الزيادات الضريبية من دون اي جهد لمحاربة التهرب الضريبي. ووفقا لهذا السيناريو، توقع معهد التمويل الدولي، ان تتحسّن ايرادات الدولة من 20,5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 21,7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 والى 22,3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019، مع ارتفاع الايرادات الضريبية من 14,5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 14,4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 والى 16,1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019.
وبالتالي، رجح معهد التمويل الدولي ان يتقلص العجز المالي من 8,5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 7,7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018، و6,6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019، في حين توقع المعهد ان ينخفض الدين العام من 147,9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 143,2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2018 و139,5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019.
كما توقع معهد التمويل الدولي ان تبلغ النفقات نسبة 29,1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في الفترة بين العامين 2017 -2019 في السيناريوهين، مدفوعة بزيادة نسبتها 16 في المئة في كلفة أجور القطاع العام.
وأقرّ المعهد الدولي ان السيناريو الثاني سيؤثر سلباً على آفاق النمو وسيزيد الضغوط التضخمية، في وقت ستبلغ فيه نسبة التضخم حوالي 4 في المئة في الفترة بين 2017 و2019 مقارنة مع نسبة تضخم متوقعة عند 2,9 في المئة سنوياً وفقاً للسيناريو الاول.
غبريل
في هذا الاطار، اشار الخبير الاقتصادي نسيب غبريل لـ«الجمهورية» الى ان معهد التمويل الدولي لا يروّج لموضوع مكافحة التهرب الضريبي لانه يعتبر ان هذا الامر يتطلب وقتاً طويلاً وصعب التنفيذ، وينصح المعهد بدلاً من ذلك، بفرض الضرائب لتحسين الايرادات.
لم يوافق غبريل وجهة نظر المعهد اذ رأى ان مكافحة التهرب الضريبي ليس بالامر المستحيل، بل يتطلب فقط ارادة سياسية «لأن الامكانيات موجودة وهناك بلدان عدّة أحرزت تقدماً ملحوظاً على هذا الصعيد».
وقدّر غبريل الايرادات الممكن جبايتها من خلال مكافحة التهرب الضريبي، بمليار دولار سنويّاً على المدى القصير الى المتوسط، بنسبة اكبر بكثير من التي يتوقعها معهد التمويل الدولي الذي يشير الى ان مكافحة التهرب الضريبي يرفع الايرادات الضريبة من 14,2 الى 14,4 في المئة فقط من الناتج المحلي في العام الاول.
وذكّر عبريل بأن المصارف وحدها دفعت 750 مليون دولار ضرائب اضافية هذا العام جراء ارباحها الناتجة عن الهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان، لافتا الى ان هذه الايرادات وحدها تغطي كلفة سلسلة الرتب والرواتب، «علماً ان مفعول السلسلة الكامل يبدأ في العام 2018 وليس في العام 2017».
وقال غبريل ان نظرية معهد التمويل الدولي المتمثلة بفرض الضرائب كحلّ لمشكلة الايرادات، مضرّة بشكل ملحوظ بالاقتصاد اللبناني حيث ان المعهد لا يتطرق الى ضرورة تفعيل النمو من خلال خفض الاعباء التشغيلية عن كاهل القطاع الخاص من خلال اعطاء حوافز للمؤسسات كخفض الضرائب، الغاء الرسوم، تحسين المناخ الاستثماري، تطوير البنى التحتية وغيرها، «وهذا ما كان ينتظره القطاع الخاص من الحكومة بعد 6 سنوات من الركود».
وحول امكانية مكافحة التهرب الضريبي من خلال تعاون وزارة المالية مع المصارف، اكد غبريل ان هناك طرق معتمدة عالمياً لمكافحة التهرب الضريبي، «لا تبدأ بالمصارف ولا بتحميلها اعباء اضافية»، لافتا الى ان 25 في المئة من الشركات في لبنان تدفع ضرائبها بالكامل، «وبالتالي فان العدالة الاجتماعية لا تقضي بفرض مزيد من الضرائب على الجهة التي تدفع الضرائب، بل بمحاربة المتهرّبين من دفع الضرائب».