IMLebanon

قراءة أوليّة في نتائج النسبيّة

“راحت السكرة وجاءت الفكرة” وبدأت القوى السياسية على اختلافها على الفور عمليات احتساب مسبقة لِما يمكن أن تحققه من نتائج بموجب قانون الانتخاب النسبي ذي الـ15 دائرة، وذلك على رغم انّ الانتخابات ستجرى في أيار 2018.

لا يخفي بعض الذين شاركوا في الورشة الانتخابية انّ بعض القوى السياسية بدأ يتهيّب الموقف من قانون الانتخاب النسبي الجديد، الى درجة أنّ بعضهم بدأ “يضرب الأخماس بالاسداس”، متخوّفاً من ضمور حصته من المقاعد النيابية عمّا هي عليه الآن بفِعل النظام الانتخابي الاكثري.

وبعض آخر بدأ يقرأ “فعل الندامة” على قبوله النسبية متخلّياً عن قانون الستين، فيما يُسجّل في أوساط كثيرة تفاؤل حَذر من انّ القانون الجديد سيشكّل نقلة نوعية نحو الافضل على مستوى توسيع دائرة المشاركة الوطنية والتمثيل السياسي والشعبي في الندوة النيابية.

وبغضّ النظر عن تنافس البعض على “أبوّة” القانون، فإنّ الثابت هو انه مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومن بين خمسة مشاريع كانت قد أعَدّتها، لكنّ هذا المشروع أدخلت عليه تعديلات غيّرت بعض الشيء في دوائره الـ15، سواء في اجتماعات بكركي التي تناولته او في مختلف الاجتماعات التي انعقدت في المجلس النيابي او على المستويات الحكومية والسياسية المتعددة، الى أن رَسا على الصيغة التي أقرها مجلس الوزراء أمس وسيقرها مجلس النواب بدورهم غداً، وكان للنائب جورج عدوان بصمته في هذه الصيغة.

أوساط الذين صاغوا مشروع القانون وكانوا في صلب الورشة التي عملت لإنتاجه أجروا قراءة اولية له من حيث النتائج المتوقع ان يسفر عنها في الانتخابات التي ستُجرى على أساسه، وجاءت هذه القراءة كالآتي:

اولاً، على المستوى الشيعي، إنّ ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” لن تكون لديه مفاجآت على مستوى النتائج التي سيحققها في الانتخابات، ويتوقع ان يتعرض لخرق في دائرتي بعبدا وبعلبك ـ الهرمل. امّا في الجنوب وبقية الدوائر فالمتوقع ان يبقى وضعهما التمثيلي على حاله، في حين انّ حلفاء هذا الثنائي سيحققون فوزاً مؤكداً في دوائر زحلة والبقاع الغربي وبيروت وطرابلس.

ثانياً، على المستوى المسيحي، سيُحدث هذا القانون النسبي عملية خلط أوراق كبيرة، ولن يكون لدى “التيار الوطني الحر” فرَص تحقيق تقدّم ملموس، وإنما سيحافظ على الوضعية التي هو فيها الآن، لمصلحة تقدّم القوى الأخرى من حزب “القوات اللبنانية” الذي سيزداد عدد نوّابه، الى حزب الكتائب والقيادات المسيحية المستقلّة. فهذه القيادات يجب عدم الاستخفاف بقدراتها التمثيلية والشعبية وستكون قادرة على تحقيق الخرق في مختلف الدوائر.

ثالثاً، على المستوى السني، سيجد تيار “المستقبل” نفسه في مواجهة مخاطر كبيرة، لأنّ القانون سينتج في الساحة السنية خَلطة من كل مكوناتها السياسية والشعبية، وربما تتراجع فيها حصة “المستقبل” قليلاً لمصلحة الآخرين من الحلفاء او الخصوم، من الرئيس نجيب ميقاتي الى الوزراء السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي واشرف ريفي، والنائب خالد ضاهر. ومن المتوقع ان تحصل خروقات ملحوظة في بيروت.

ولذلك، يقول المشاركون في الورشة الانتخابية انّ كل القوى السياسية ستنكَبّ من الآن على التحضير لإدارة معاركها الانتخابية وإعداد لوائحها، مع الأخذ في الاعتبار انّ تركيب هذه اللوائح يتوقّف على طبيعة التحالفات الانتخابية التي ستُنسج، علماً أنّ “الصوت التفضيلي” الذي تقرّر اعتماده في القضاء وخارج القيد الطائفي والمذهبي هو الذي سيحدّد المقاعد الفائزة، فهو أشبه بنظام “وان مان” ـ “وان فوت”، وسيولّد حالة تنافس كبيرة داخل الاحزاب في حال لم تتمكن هذه الاحزاب من تحقيق إدارة صارمة لتحديد الاصوات التفضيلية.

وفي ايّ حال يقول أحد مُنتجي القانون انّ الانتخابات المقبلة التي ستتم على أساس النظام النسبي ستكون انتخابات اختبارية، إذ انّ الجميع سيختبرون النسبية ليبنوا على الشيء مقتضاه بعدها، فيمكن أن تحلو لهم جميعاً، أو لبعضهم، فيستمرّون فيها ويطوّرونها الى الافضل، ويمكن ان يرفضها آخرون ويطالبون بالعودة الى النظام الأكثري.