على رغم دخول العالم في عطلة الأعياد المجيدة، إلّا أنّ الحراك الديبلوماسي الروسي يُفيد أنّ الأيّام المقبلة تحمل مفاجآت كثيرة في ملفّ المساعي الهادفة إلى جَمعِ جميع الفئات السياسيّة السوريّة في موسكو لإطلاق جولة مفاوضات جديدة.
قبلَ ساعات من انتهاء عام 2014، يكثّف الديبلوسيّون اتّصالاتهم واجتماعاتهم خلفَ الكواليس مع جميع الأطراف الفاعلين في الأزمة السورية، وذلك في محاولةٍ لتقديم «عيديّة» للشعب السوري من خلال إعلان موعد محدّد لانطلاق لقاءات موسكو بين المعارضة والحكومة السوريّة.
ويُدرك الروس أنّ من غير الواقعي رَفع سقف الرهانات على لقاءات موسكو المتوَقّعة، في اعتبار أنّ الهدفَ الرئيس منها هو العودة إلى عملية التفاوض بعدما توَقّفت عقبَ فشلِ مؤتمر «جنيف 2».
لكن على ما يبدو أنّ طبّاخي السياسة الخارجيّة في البلاد على سباق مع الزمن للحصول على أوراق رابحة تمهيداً لاستخدامها على طاولة التفاوض مع الأميركيين، بعدما تمكّنَ أبناء العمّ سام من حَشر الدبّ الروسيّ في الزاوية، إذ إنّهم نجحوا في توجيه ضربة قويّة للاقتصاد الروسي من خلال لعبة أسواق النفط التي أدّت إلى انهيار الروبل أمام الدولار واليورو.
وبما أن لا مجالَ إلّا للعودة إلى تفاهُمات، ولو مرحليّةً مع الأميركيّين، فإنّ أركان الخارجيّة الروسيّة يُدركون أنَّ تحقيق أيّ مكاسب سياسيّة على الساحة الدوليّة سيعزّز حضورَهم في أيّ صفقة قد تُعقد مع واشنطن أو بروكسل، خصوصاً في الشأن الأوكراني.
وانطلاقاً من ذلك، يُحاول الروس استغلالَ ثغرةِ الغياب الغربي عن الأزمة السوريّة بعدما حصر الغرب حراكه بالتحالف الدولي وحربه ضدّ «داعش». ووِفقَ المعلومات المتوافرة فإنّ الديبلوماسيّين الروس باتوا قابَ قوسين أو أدنى من الإعلان رسميّاً عن موعد محدّد لإطلاق اجتماعات موسكو، بعدما أبدَت غالبيّة أطياف المعارضة السوريّة الداخليّة والخارجيّة رغبتَها في المشاركة بتلك الاجتماعات.
لا شَكّ في أنّ القاهرة قد ساهمَت إلى حَدّ كبير في تذليل العقبات أمام موسكو، وبحسَب مصادر سياسيّة روسيّة متابعة للملف السوري، فإنّ المشاركين في لقاءات القاهرة قد تمكّنوا من التوافق على لائحة البنود الأساسيّة التي تساعد على إطلاق حوار بَنّاء يُمكن أن يُشكّل بداية تحوّل مهمّة في التفاوض المباشر بين المعارضة بأطيافها كافّة مع ممثّلي الحكومة، وقد تمَّ التوافق بين الأطراف التي شاركت في اجتماعات القاهرة على الخطوط العريضة لوَثيقة الحَلّ السلمي، على أن يتمّ البحث في تفاصيلها بنحو موسّع في موسكو.
وتؤكّد المصادر أنّ موسكو لا تزال تراهن على الدور المصري في حَلّ عقدة الأزمة السوريّة، في اعتبار أنّ مصر تُعتبَر الغطاءَ العربيّ الأكبر لرعاية أيّ حَلّ يمكن التوصّل إليه، لا سيّما أنّها قادرة على احتواء التناقض العربي الحاصل تجاه الأزمة في سوريا. وترى المصادر أنّ أمام القيادة المصرية فرصةً مهمة للعودة إلى سابق عهدها، حيث كانت تشكّل بيضة قبّان سياسية في العالم العربي وشمال أفريقيا.
وتؤكّد المصادر أنّ موسكو على اتّصال دائم مع جميع الأطراف الفاعلة في المشهد السوري ميدانياً وسياسياً. وتكشف أنّ كلّ الخطوات التي تقوم بها روسيا تتمّ بالتنسيق مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دو ميستورا، ولم تستبعد زيارته إلى موسكو بعدَ الأعياد لوضع اللمسات الأخيرة على الصيغة النهائية للاجتماعات المقرّرة نهاية الشهر المقبل.