IMLebanon

التحضيرات لـ«14 شباط»… ترقّب لكلمة الحريري والخيارات الرئاسية

تنتظر قيادات تيار «المستقبل» وكوادره إطلالة الرئيس سعد الحريري بعد غد الأحد خلال إحياء الذكرى السنوية الحادية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. عينٌ شاخصة في اتجاه شاشات العرض، والأخرى تترقّب وتأمل دخوله عبر إحدى بوابات قاعة «البيال»!

ما يهمّ أبناء «المستقبل» في الدرجة الأولى الاطمئنان إلى رئيسهم، على اعتبار أنّه لم يطلّ على اللبنانيين عموماً ومؤيّديه خصوصاً منذ فترة طويلة. سيغتنم «المستقبليون» كما كلّ سنة الفرصة خلال الفترة الفاصلة بين الترحيب به وبداية كلمته لإطلاق العنان لأسئلتهم قبل أن يستمعوا الى خطابه.

تلك هي أجواء الدقائق الأولى للقاء الحريري بجمهوره في الأعوام العشرة الماضية، وهذه السنة لن تكون مختلفة، بغضّ النظر عن حضوره شخصياً أو إطلالته على شاشات عملاقة من مكان إقامته في الرياض.

علماً أنّ هذا الأمر يتقرّر بسرّية تامة بين الحريري وشخص أو اثنين على الأكثر من مجموعته الضيّقة، في اليوم الأخير، إن لم يكن في الساعات القليلة التي تسبق موعد الاحتفال، وهذا الأمر قد نُفّذ بدقة متناهية في زيارته الأخيرة الى لبنان.

من حيث الشكل، سيعكس الحضور مشهدية وطنية جامعة تُمثّل صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك بعد توجيه الدعوات الى مختلف الأطراف، باستثناء «حزب الله»، وقد أكد الجميع حضورهم من دون الخوض في الأسماء التي يعود لكلّ فريق أن يُقرّرها وفق تقديراته السياسية والأمنية.

مشهدية هذا العام التي ستستغرق على أبعد تقدير ساعة ونصف الساعة، ستتضمَّن فيلماً وثائقياً، وإطلالة خاصة لكورال الفيحاء. ويؤكد المنظمون: «على عكس ما يُحاول البعض الترويج له بأنّ الدعوات وجِّهت هذه السنة للمرة الأولى بإسم تيار «المستقبل»، وليس كما جرت العادة بإسم قوى «14 آذار»، نحيل هؤلاء الى مشهدية الذكرى السنوية العاشرة بحيث اعتُمد الأسلوب نفسه، وهذا الأمر لا دخل له بالعلاقة القائمة بيننا وبين مختلف مكوّنات «14 آذار» التي نحرص عليها كحرصنا على أنفسنا».

خيارات الحريري… مفتوحة!

أما في المضمون، فسينتظر اللبنانيون ما سيقوله الحريري، وسينصبّ كلّ اهتمامهم وتركيزهم على ما إذا كان سيعلن رسمياً ترشيحه رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، أم أنه سيفاجئ الرأي العام بطرحه تبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون.

ويبقى الخيار الثالث مطروحاً بين الأوساط السياسية لجهة ترك الحريري الخيارات مفتوحة أمام الجميع، ومناشدة كلّ الأطراف النزول الى مجلس النواب وممارسة واجبهم الدستوري، وحقهم الديموقراطي في إنتخاب مَن يرونه الأنسب والأصلح لقيادة المسيرة الوطنية في المرحلة المقبلة.

أصحاب الخيار الأخير، يرون أنّ زعيم «المستقبل» ليس مضطراً للإعلان عن دعم اسمٍ محدّد، طالما أنه يعلم أنّ أسباب التعطيل الحقيقية يتحمّلها «حزب الله» مدعوماً من إيران، ومهما يكن، سيبقى الحزب مصرّاً على عدم إجراء الاستحقاق الرئاسي، إلّا في التوقيت الذي يراه يتناغم مع التطورات الاقليمية.

من جهة أخرى، يعتبر هؤلاء أنّ إعلان الحريري دعم فرنجية سيزيد من الشرخ الحاصل داخل قوى «14 آذار»، وتحديداً في العلاقة بين «المستقبل» و»القوات اللبنانية».

لذا، قد لا يلجأ الحريري الى هذا الخيار تسهيلاً لمهمة منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» الدكتور فارس سعيد في محاولته رأب الصدع بين الطرفين من خلال سحب كلّ طرف مرشحه الى الرئاسة، وترك الأبواب مفتوحة للاتفاق بين كلّ مكوّنات «14 آذار» للتوحّد على ترشيح شخصية مستقلّة تلقى احترام جميع اللبنانيين من دون الالتفات الى رأي الفريق الآخر، طالما أنّ التعطيل سيبقى مرشحهم الحقيقي، لحين وضوح المشهد الاقليمي.

ومع ذلك، يراهن البعض على أنّ الحريري لن يخسر شيئاً بتبنّيه ترشح فرنجية، على رغم الخلاف الواقع مع «القوات»، باعتبار أنّ الفريقين يحاولان الإيحاء بأنّ التباعد الحاصل اليوم في ملف رئاسة الجمهورية، لن يؤثر في التحالف بين الفريقين، ونظرتهما المشتركة لمجمل القضايا الوطنية والسيادية، والمواقف الاقليمية والدولية.

ويبقى خيار إعلان الحريري دعم ترشيح عون إلى رئاسة الجمهورية الأبعد نظرياً وواقعياً، باعتبار أنّ الحوار الذي كان قائماً بين الرجلين، لم يُقنع الحريري بإمكان السير بالجنرال الى القصر الجمهوري، وقد ثبت ذلك بفعل الخيارات السياسية التي اتخذها عون لاحقاً، وصولاً الى قرارات وزير الخارجية جبران باسيل أخيراً، والتي أكدت تلازم المسارين الإيراني- العوني في وجه القرار العربي المشترك.

في كلّ الحالات، لعلّ «القواتيين» أنفسهم، يضعون أيديهم على قلوبهم، مخافة أن يفاجئهم الحريري بما لا يطيقون تحمّله! إذ بالنسبة إليهم الوضع القائم حالياً، بين ترشيح جعجع لعون، والحريري لفرنجية، وفقدان الأمل من وصول أيّ منهما إلى الرئاسة، يبقى الواقع الأروع والأمثل!

الحق معك… واليوم أكثر

لكنّ العنوان الأساس الذي من المتوقّع أن يتضمّنه خطاب الحريري، كما تقول مصادر «المستقبل»، «هو عدم الانجرار الى ما يريده «حزب الله»، وأنّه في الأعوام العشرة الماضية، حصلت محاولات عديدة ومتكرّرة، لكنّ «المستقبل» أبى مسايرة الحزب تحت أيّ ظرف من الظروف، واستمرّ في المواجهة ضمن قواعد الاشتباك الوطنية، وأوّلها الحفاظ على السلم الأهلي».

وتوضح المصادر نفسها لـ«الجمهورية»: «اليوم، يحاول «حزب الله» وحلفاؤه مجدّداً، اعتماد الأسلوب نفسه، والخطورة هذه المرة انجرار معظم الأطراف اللبنانية خلف الخطابات الطائفية والمذهبية تحت مسميّات مختلفة».

من هنا، فإنّ الحريري «سيؤكد الصمود والاستمرار في المواجهة، وعدم انجرار «المستقبل» نحو محاولة الفرز الطائفي، وبالتالي التقوقع مذهبياً والانعزال عن بقية المكوّنات اللبنانية. هكذا أراد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهكذا سنستمرّ. وعلى هذا الأساس اختير شعار الذكرى لهذا العام: «الحق معك… واليوم أكثر».

سيتوجّه «المستقبليون» من كلّ لبنان ظهر الأحد الى وسط بيروت لقراءة الفاتحة أمام ضريح الحريري وبقية شهداء «14 شباط»، وبعدها سيصل الجميع قرابة الساعة الرابعة بعد الظهر الى «البيال» لإحياء الذكرى. وفي الطريق ما بين ساحة الشهداء ومركز المعارض، سيسألون أنفسهم مع كلّ اللبنانيين، عن معنى أن يبخل القدر عليهم ببضع سنوات أخرى، يعايشون فيها رجلاً عشق وطنه… حتى الشهادة!