Site icon IMLebanon

التلِّي لـ«نصرة – لبنان»: إستعدّوا للثأر من نصرالله

 

أفضت نقاشات الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية التي تكثّفت إثر جولة العنف الأخيرة في مخيم عين الحلوة بينها وبين جماعة بلال بدر، الى تشكيل ثلاث لجان تختصّ كلّ منها بمتابعة مهمة يُساهم إنجازُها في تدارك الوضع في المخيّم ومنع انزلاقه الى انفجارٍ كبير.

تختصّ اللجنة بمتابعة ملف ضبط الامن داخل المخيم وتنسيق الاتصالات التي تؤدّي الى تفويض القوة الامنية المشتركة إطلاق النار على أيِّ مخلٍّ بأمن المخيم، وذلك من دون حتى العودة الى المرجعيات السياسية.

اللجنة الثانية تهتمّ بتنسيق العلاقة بين المخيم وقواه المختلفة مع أجهزة الامن اللبنانية، اللجنة الثالثة – وهي الأهم – تقع مهمتها بتنسيق جهود فصائل المخيم لإنجاز مهمة تسليم الارهابيين المطلوبين للقضاء اللبناني.

وهي تتألّف من ممثلين عن كل فصائل المخيم المعنية بمكافحة ظاهرة الارهاب فيه، أي من «عصبة الانصار» و«حماس» مروراً بطيف فصائل اسلامية ووطنية أُخرى وصولاً الى حركة «فتح» بكل تنوّعاتها.

ولكن، يلاحَظ حتى الآن، أنّ الاجتماعات التي عقدتها هذه اللجنة، شابتها إشارات سلبية ولو على مستوى الشكل، تمثّلت في أنّ بعض الفصائل الوازنة والمشارِكة فيها تتعمّد إرسالَ ممثلين عنها لاجتماعاتها من مستويات منخفضة، وذلك قياساً بما هو مطلوب أن يكون عليه مستوى تمثيلها داخل اجتماعات اللجنة.

وبعد معركة إخراج كل من «داعش» و«جبهة النصرة» من الجرود، هناك انتظارٌ لبدء تنفيذ خطوة ما لإنهاء ملفّ وجود الإرهابيين في عين الحلوة وتسليمهم للقضاء اللبناني.

والى أن يتحقّق هذا الأمر، تستمرّ المصادر الأمنية الفلسطينية المتابعة لنشاط المجموعات الارهابية في المخيم، في التقاط اشارات تدلّ على وجود حراك لها هدفُه التأسيس لمرحلة جديدة من العنف خصوصاً على مستوى استخدام المخيم غرفة قيادية خلفية لتوجيه انشطتها الارهابية في العمق اللبناني، أو كملجأ لاختباء خلايا نائمة فلسطينية وسورية، وحتى معولمة، في داخله.

ويفيد أحدث المعلومات المستقاة من مصادر فلسطينية أنه وردت اليها خلال الفترة القصيرة الماضية تقارير أمنية تفيد أنّ القيادي البارز في «جبهة النصرة» أبو مالك التلي وجّه بعد استقراره في منطقة ادلب تعليمات الى عناصرها في مخيم عين الحلوة يطلب فيها منهم عدم مغادرة المخيم تحت أيّ ظرف، والبقاء فيه استعداداً لما سمّاه بدء معركة الثأر من (السيد) حسن نصرالله.

كذلك طلب منهم أيضاً الاستعداد لاستقبال «مجاهدين» آخرين سينضمّون اليهم بغية تجميع القوة اللازمة لبدء «معركة الثأر» هذه. ويخالف التلي في تعليماته هذه توجّه اسامة الشهابي المترئس تنظيم «الشباب المسلم» الذي بين مجموعاته مبايعون لـ«النصرة»، لقبول فكرة مغاردة المخيم ضمن تسوية مع الدولة اللبنانية، وذلك ايفاداً لمقولته الشهيرة التي ترى أنّ خروج جماعاته من المخيم تريح المخيم وتريحهم.

وتكشف المصادر نفسها لـ«الجمهورية» أنّ من الصعب معرفة الحجم التنظيمي لـ«النصرة» أو «داعش» في المخيم، لأنّ السمة العامة لوجودهما تتظهّرعلى شكل مناخٍ عقائدي، أكثر ممّا هو حالة تنظيمية مادّية واضحة.

ففي المخيم لا يوجد تنظيمٌ مستقلّ خاص بـ«داعش» أو «النصرة»، علماً أنّ الأخيرة حاولت مراراً إنشاء تنظيم مستقلّ لها، لكنها عادت وتخلّت عن هذه الفكرة لأسباب غالبيتها أمنية، وبدل ذلك اتّبعت (أي «النصرة» وكذلك «داعش») أسلوبَ بناء الخلايا المستترة وتجميع المريدين والمؤيّدين ضمن أطر مختلفة ليست دائماً عسكرية، على رغم أنهم مدرَّبون وجاهزون للإنخراط في أيّ معركة.

الامر الثاني الأكثر أهمية الذي تكشفه هذه المصادر يفيد أنّ لائحة الاسماء المعروفة والمتداوَلة في الإعلام، وحتى في المؤسسات الأمنية، عن أبرز الارهابيين المتوارين داخل المخيم أو المقيمين فيه علناً، لا تشمل كل أسماء رموز الارهاب الاساسيين في المخيم، فهناك إرهابيون غير معروفين موجدون في المخيم، وهم الاخطر ويتميّزون بأنّ لديهم علاقات عميقة ووثيقة بقيادات «داعش» و«النصرة» ومجموعات عالمية أخرى شديدة الخطورة، توجد في العراق وسوريا وحول العالم.

من هؤلاء مثلاً السعودي وليد العبيد الذي جاء الى المخيم منذ سنوات بعدما قاتل في العراق وسوريا، وهو قليلاً ما يظهر في المخيم، كما أنه لا يترك أيّ بصمة حضور له خلال الاشتباكات التي تحدث بين جماعات بلال بدر او غيره والقوة المشتركة الفلسطينية.

وتذكّر حالة العبيد بحالة السعودي ماجد الماجد الذي كان يعتكف عن الظهور في مناسبات المخيم الدينية او العامة، او حتى في اجتماعات فصائله الاسلامية، وغالباً ما كان يمرّر رسائل غير مباشرة للاجهزة الامنية تفيد انه غير مهتم بنزاعات المخيم وأنه لا توجد لديه اجندة خاصة به. وتذكر هذه المصادر أنّ الماجد مكث فترة غير قصيرة في المخيم قبل أن يُكتشف وجوده فيه ومعرفة اسمه الحقيقي وموقعه المهم داخل الهرم القيادي العالمي لتنظيم «القاعدة».

والواقع أنّ انكشاف أمر مجموعة «داعش» الـ 19 الاخيرة، شكل في حدّ ذاته، مؤشراً الى بدء «تطبيقات المرحلة التالية لـ«داعش» في دول جوار سوريا، وذلك ضمن «الخطة ب» التي وضعتها بعد بدء مسار فقدانها ملاذاتها المكانية في العراق وسوريا.

وفي المقابل فمجرد كون متزعّم خلية الـ19 هو مصري الجنسية (فادي ابراهيم احمد علي احمد، يكنّى «ابو خطاب») فإنّ هذا يرتّب على المخيم تعقيدات جديدة وخطرة انطلاقاً من طرح ملفاته انطلاقاً من صلته بالارهاب المعلوم وبالمجاهدين المعولمين الذين تستنفر راهناً كل الاجهزة الامنية العالمية لرصد أمكنة اقامتهم والمبادرة لمنعهم من العودة الى دولهم.

وتتحدّث معلومات عن وجود ارهابيَّين اثنين خطرَين من الجنسية المصرية، داخل المخيم بالاضافة الى «ابو خطاب»، وأنّ اخطرهم يكنّى «ابو مصعب» المصري.

وقبل اشهر كان لدى المخابرات المصرية معلومات تفيد انه يتمّ تدريب مجموعة ارهابية مصرية في منطقة البستان داخل المخيم. وفي المحصلة فإنّ القاهرة تثير مع الجهات المعنية في لبنان منذ وقت غير قصير مسألة وجود صلة تواصل بين ارهابيين مصريين وبين «كتائب بيت المقدس» الارهابية التي تنشط في شمال سيناء وفي غير منطقة مصرية.

وكانت برزت أدلّة على ذلك في مناسبتين، اوّلاهما عام 2015، عندما سادت اجواء احتفالية في بيئة اسامة الشهابي عقب تنفيذ «كتائب بيت المقدس» عملية قتل جنود مصريين في منطقة الشيخ زويد في سيناء. والمناسبة الثانية في ايار الماضي، عندما شاع خبر تنفيذ «كتائب بيت المقدس»عمليتها الاشهر التي افضت الى قتل ثلاثة قضاة مصريين، بين بيئات جهادية في مخيم عين الحلوة، وذلك قبل تنفيذها بأيام.