خبر جيد مبدئياً ان «يُلحظ» وجود لبنان في النكبة السورية خارج نطاقي استقبال اللاجئين والنازحين، وتورط «حزب الله» الدموي فيها. وأن توجّه اليه دعوة رسمية للمشاركة في اجتماع فيينا المرتقب غداً.
وعلى الرغم من أن كل الأجواء السابقة لهذا الاجتماع الإقليمي الدولي المهم، تشير الى أنه لن يكون حاسماً، فإن مجرد انعقاده في حضور إيران، اعتُبر من قبل الولايات المتحدة (صاحبة الدعوة) تطوراً يُبنى عليه، تبعاً للفرضية القائلة بأن أي «حل» للموضوع السوري لا يمكن إنجازه من دون مشاركة الاطراف المعنية كلها.
وإيران «معنية» جداً. لكن الغريب ان تحضر اجتماعاً تحت عنوان البحث عن حل، في حين ان دورها في سوريا يُعتبر مشكلة اكبر وأخطر وأكثر جدّية من مشكلة مصير الأسد وسلطته.. ومواقفها معروفة، وتستند على عكس الروس مثلاً، الى أسس «مقدّسة» والى قرار (أو فتوى!) من «الولي الفقيه» تضع الحرب في مرتبة «الحياة أو الموت»، وتعتبر مصير السلطة في دمشق شأناً إيرانياً غير قابل للأخذ والرد.
والأكثر غرابة هو ان يكون حضورها هذا تنفيذاً لرغبة أميركية أكثر من كونها روسية! وذلك قد يعني في ظاهره أخذا بالواقعية وبمنطق الأمور، مع أنه يدل في عمقه على استمرار ادارة مستر اوباما بالعمل وفق سياسة غير مفهومة وغير منتجة في ضوء الحقائق الميدانية والسياسية المعلنة والمعروفة والتي تقول بأن طهران زادت وتيرة «حضورها» المباشر على جبهات القتال، ولم تُظهر أي اشارات تدل على رغبتها بالسير على الطريق الذي تسلكه موسكو.
.. المهم بالنسبة الى لبنان، ليس حضور اجتماع فيينا، إنما طبيعة هذا الحضور! والطرح في مكانه طالما ان وزير الخارجية جبران باسيل الذي زار طهران قبل ايام يعتمد «سياسة» متجانسة مع اصطفافات تيّار عمه النائب ميشال عون في المحور الممانع، اكثر من كونها تعبّر عن الموقف الرسمي اللبناني.
تصريحاته في ايران، وتسريباته بعد عودته منها، تدلان على انه في مكان محوري حزبي وليس رئيساً للديبلوماسية اللبنانية.. ما يعني انه قد يكون في فيينا «ملحقاً» بالوفد الإيراني وليس رئيساً لوفد لبنان، وقد يتماهى مع خياراته المحورية وليس مع المصلحة الوطنية العليا، وذلك يسبب إشكالات اضافية للبنان مع محيطه العربي ويضعه في موقف حرج إزاء معظم الدول الأوروبية المشاركة في الاجتماع.
من المهم، والمهم جداً، الانتباه مسبقاً الى تلك المعطيات. وأن يوضح رئيس الحكومة تمام سلام الخطوط العريضة للسياسة الخارجية المتلائمة مع انتماء لبنان الى محيطه العربي ومع المصالح العليا للدولة واللبنانيين عموماً، وليس مع أهواء محورية لم تنتج سوى الكوارث والبلايا والمصائب.