IMLebanon

الرئاسات في سياسة  الرهان على الخصوم

ليس أمراً قليل الدلالات ان نعود بعد ٣١ شهرا من الأخذ والرد الى ما كان مكتوبا على الجدار في الاستحقاق الرئاسي. ولا فرق سواء كانت العودة بالاضطرار أو بالخيار بعد كثير من الجمود وشيء من التحرك في اكثر من اتجاه. ولا يبدل في الواقع ان نستمر في الجدل حول الوقائع وفي التساؤل عن ادارة اللعبة والعامل المؤثر فيها. فالمشهد يوحي في الشكل اننا نمارس اخيرا لبننة الانتخاب الرئاسي. وهو في العمق يقود الى ربط اللبننة بالاقلمة والتدويل. اذ حتى في تفسير القرارات والمواقف المحلية، فان الاحاديث تدور على الاضواء الخضر أو الصفر أو الحمر في عواصم المنطقة والعالم.

ذلك ان الشغور الرئاسي هو جبهة سياسية في حرب سوريا وصراع المحاور الاقليمية والدولية في اكبر لعبة جيوسياسية في الشرق الاوسط. ولم يكن ممكنا ملء الشغور، بصرف النظر عن الدعوات الصالحة هنا وفي عواصم المنطقة والعالم، الا بما يعكس تطورات الحرب. والظاهر ان التطورات باتت تسمح بالاقتراب من انتخاب رئيس للجمهورية. فالشعار في البحث عن تسوية في سوريا هو ان الكلمة للميدان. والميدان يتكلم في حلب والغوطة. والصوت يصل الى لبنان.

ولا أحد يجهل خطورة الوضع الاقتصادي والمالي والحاجة الى اعادة تشغيل آلة السلطة بمفتاح الرئاسة. لكن هناك حسابات وعوامل اخرى تقود حركات السياسيين. والموضوع اللافت الذي يقدمه لبنان للدرس في كليات العلوم السياسية هو سياسة الرهان على الخصوم. فالرئيس سعد الحريري الزعيم الابرز في قوى ١٤ آذار راهن على الخروج من المأزق الرئاسي بترشيح اثنين على التوالي من قوى ٨ آذار. والعماد ميشال عون ابرز الزعماء المسيحيين والمتفاهم مع الزعيم البارز الدكتور سمير جعجع الذي رشحه للرئاسة، ينتظر كلمة من الحريري ويواجه اعتراضا من قوى في ٨ آذار في طليعتها الرئيس نبيه بري. لا بل ان الحريري يرشح عون ويدفع الثمن بدل ان يأخذه، اولا في بيئته، وثانيا في المطلوب منه ليتولى رئاسة الحكومة.

وليت هذا يقود الى خلط اوراق بالفعل وفرصة لفرط اصطفاف قوى ٨ وقوى ١٤ آذار. لكنه يبدو، حتى اشعار آخر، تبدلا في المواقف من دون تغيير جذري في المواقع. فالمعادلة هي اللاتكافؤ: قوى ١٤ آذار تفقد فاعليتها، وان بقيت متضامنة نوعا ما. وقوى ٨ آذار تزداد فاعليتها، وان حدثت خلافات داخلها. القوى الاقليمية الداعمة لقوى ١٤ آذار تتركها لمصيرها. والقوى الاقليمية الداعمة لقوى ٨ آذار تقف وراءها بقوة.

والبازار مفتوح وطويل قبل الرئاسة وبعد تسمية رئيس الحكومة وحتى بعد تأليف الحكومة.