IMLebanon

التّناطح الرّئاسي  

 

فيما تطفو جثّة البلد وسط أمواج تتقاذفها من دون حسيب ولا رقيب على ما يتعرّض له الشعب اللبناني من عصابات التجّار حيث تتعالى ألسنة نيران الأسعار على رفوف السوبر ماركت، فيما وزير الاقتصاد المختص راوول نعمة يجلس وراء مكتبه يتنعّم بترف أن يكون وزيراً غير آبهٍ للسرقة التي يتعرّض لها المواطن حتى في كوب الحليب وفنجان القهوة ورأس البندورة وكيلو الحامض، يا معالي الوزير هل قرأت بالأمس عن المواطنة التي تسأل البائع إن كان بإمكائها شراء حامضتيْن فقط؟ والذين ينقهرون ويتحدّثون عن الذلّ الذي يعيشه اللبناني مجبراً يخافون أن يهمسوا في سرّهم قد يلحق حالنا بحال هذه المرأة بعد أسابيع، أيّ بلاءات تنتظرنا بعد مع هكذا حكومة وهكذا رئيس حكومة وهكذا وزراء ذوي اختصاص؟!

 

وسط هذه الأمواج التي تتلاطمنا ونحن كالغريق الذي لا يجد قشّة حتى يتمسّك بها، يقفز علينا من الشاشات الموارنة مشاريع الرؤساء، مشهد البازار الذي افتتحه قبل الجميع الوزير السابق جبران باسيل اقتحمه قبل يومين الوزير السابق سليمان فرنجيّة الذي وعده حزب الله أنّ دوره في ركوب مرجوحة الرئاسة سيحين عندما ينتهي «دقّ ركوب» العماد ميشال عون لهذه المرجوحة، فإذا بالجنرال يُغيّر ويبدّل ويدخل نادي «الميراث الملعون»، صحيح أن ظاهر الخلاف سركيس حليس والفيول المغشوش، إلا أنّ الاستعراض الغاضب الذي أدّاه فرنجيّة أطلق الرّصاص معلناً بدء المعركة لأنّ جبران باسيل «ما بيجي مختار»!

 

بالأمس دخل إلى حلبة المناطحة الرئاسيّة «الصّهر الثاني» فألقى في وجوهنا خطاب افتتاح معركته الرئاسية مستدعياً مفاعيل بريق كلمة ثورة، ومن واجبنا هنا أن نلفت المواطن اللبناني والصّهر الثاني إلى إشارة «وضع الاعتلال التام والنهائي» التي قيل فيها الكثير منذ تقاعد العميد شامل روكز عام 2016 والتي لم يصدر أيّ نفي لها لا من جانبه ولا من جانب الوزيرين المعنيين حينها (سمير مقبل وعلي حسن خليل) ولا من قيادة الجيش اللبناني، ومن شروط المرشّح للرئاسة أن يكون صحيح البدن، ظاهره ليس فيه «ولا علّة» وإن كان باطنه معطوباً عقلياً أو نفسيّاً!

 

وبالكاد انتهت إطلالة الصّهر الثاني، حتى قفز إلى الشاشة «فتى الكتائب الأغرّ» النائب سامي الجميّل الذي وجد في المعارضة وانفعالاتها مربط فرس، والشيخ سامي الجميّل أيضاً يناطح رئاسيّاً، إلا أنّ مشكلة الشيخ سامي أنّه «مش منتبه» على وضع البلد وحالة الإفلاس التي تعصف بالدولة الشيخ يريد إنتخابات نيابيّة مبكرة تليها انتخابات رئاسيّة، من دون أن يقول للمواطن اللبناني من سيموّل هذه الانتخابات ومن لديه استعداد من الجالسين على كراسي المجلس النيابي أن يدفع «نكلة» ليخوض الانتخابات المبكّرة التي يطالب بها الشيخ سامي، «كلّك نظر شيخ سامي» هذه أحلام شاطحة جدّاً!!

 

من المؤسف أنّه ووسط الحال العصيب الذي تعيشه البلاد نجد أنفسنا أمام معارك مكاسب سياسيّة أنانية وأحلام وطموحات مريضة بشبق السّلطة، وأنّ كلّ هؤلاء المتنطّحين المتناطحين لن يلبثوا أن يقدّموا أوراق اعتمادهم لحزب الله الذي يملك الحقّ الحصري في تعيين رؤساء الرئاسات الثلاث وإن كان جبران باسيل سبق جميع المرشحين المحتملين بدعم من عمّه سيّد العهد بعدما أورثه التيار الوطني الحرّ ملقياً برفاق «النضال» على قارعة النسيان بعدما ركع الصهر الأول عند قدميه في أداء استعراضي مفرط قاده إلى رئاسة تيار حزبي من دون إنتخابات!!

 

البلد يلفظ آخر أنفاسه، فيما المتهافتون على مكاسبهم وأهوائهم الشخصيّة يتبارون على المنابر في التحريض والتوبيخ والتأنيب متجاهلين تماماً معركة الرئاسة المقبلة في علم غيب حزب الله وإرادة الوليّ الفقيه!!