فالفريق المعارض لترشيح النائب ميشال معوض يرمي كرة التعطيل والفراغ عند هذا النائب وعند مؤيّديه، حتى أنّ بعض نواب هذا الفريق وصفوا ما يقدم عليه من يتبنى ترشيح معوض، بالمسخرة.
إنّ ما يشهده لبنان منذ فترة هو انقلاب المفاهيم الديمقراطية والحريات لصالح ممارسات ديكتاتورية تحمل عناوين شبيهةً بالتوافق، ولا يُراد منها سوى أن يفرض فريق توجّهاته وخياراته على فريق آخر وعلى كل اللبنانيين مستخدمين وسائل تتراوح بين الترغيب والترهيب، والترهيب قد لا يطال أحياناً أفراداً أو شخصياتٍ بل هو ترهيب يطال الشعب بأجمعه، فما يجري اليوم من شغورٍ وانهيارٍ وتوسع حال الفقر وعزل لبنان وحرمان اللبنانيين من أبسط سبل العيش ما هو إلّا ترهيب مدروس الهدف، جعل اللبنانيين يقبلون بأي حلولٍ، أو بالأحرى يقبلون بأي رئيس إذا كانوا سيرتاحون لفترة من هذه الدوامة.
إنقلبت المقاييس وأصبح الترشّح لرئاسة الجمهورية جريمةً، وأصبح التمسّك بعقد جلسات الانتخاب وعدم تطيير نصابها خرقاً للدستور، وأصبحت المناشدات لانتخاب رئيس كُفراً، في حين أنّ تعطيل النصاب والانتخاب ممارسةٌ ديمقراطيةٌ، واستخدام الورقة البيضاء وسيلةٌ لإنهاء الشغور في قصر بعبدا، والأنكى أن الذين تسببوا بالفراغ لمدة سنتين ونصف السنة يحاضرون حالياً بالعفة.
لقد أصبح من الواضح أنّ هذا الفريق لا يريد انتخاب رئيسٍ إلّا من صفوفه، ولأنّ في صفوفه صراعاً بين مرشحين يبقي على الانتخابات الرئاسية معطلةً بانتظار أن يتنازل مرشح لحساب الآخر ولكن هذه العملية تبدو حتى الآن مستحيلةً. فلا النائب جبران باسيل مستعد للتنازل لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ولا فرنجية مستعد للتنازل لباسيل، كما أنّهما ليسا على استعداد لتجيير منصب الرئاسة لمرشح ثالث.
وبانتظار أن يحسم «حزب الله» أمره ويقرر أنه حان وقت وقف الصراع بين حليفيه وتبني أحدهما علناً لإيصاله إلى قصر بعبدا، ستستمر «مسخرة» دعوة مجلس النواب للإنعقاد لتطيير النصاب، لا لانتخاب رئيس.