إنه لـمَن المستغرَبِ ما يحصلُ في الآونةِ الأخيرةِ على صعيد القضاء وكأنّ التجاذبات السياسية لا تكفي بانعكاساتِها على الوضع المتردّي لتضع سطوتَها على القضاء والقضاة في آنٍ معاً. وكأنّ هناك محظيّة تحميها السياسة، ومحميّة في السياسة. وقبلَ إلقاء الضوءِ بشكلٍ ينير أمامنا الواقع المأزومِ، نستذكر رئيسَ وزراءِ بريطانيا (ونستون تشرشل) وخلال الحربِ العالمية الثانية والقذائف تنهال على لندن سأل عن أحوال القضاءِ في «إنكلترا» فقيل له: «إنّ القضاءَ بخير»، عندها قال: «ما دام القضاء الانكليزي بخير، فإننا سندخل الحربَ وننتصرُ».
فخامة الرئيس، القضاءُ عندنا ليس بخيرٍ، وبالتالي فإنّ خوض حرب «معركة الفساد» لن تؤتي ثمارها ما دام هناك مفاصل قضائية تغرّد خارج السرب القضائي، وخارج المنظومة القضائية.
ومن العجب العُجابِ أنّ هناك قُضاةً يتصرّفون من غير حسيبٍ أو رقيبٍ، ويتخذون القرار تِلو القرار على ضوء مُعطيات ساريتهم الحزبية… والأعجب من ذلك أنّ السلطة القضائية بمقوماتها الثلاثة: 1- رئيس مجلس القضاء الأعلى. 2- مدّعي عام التمييز. 3- رئيس هيئة التفتيش القضائي.
قد جرى تعيينهم في عهد فخامتكم، وعندما انبثقت تشكيلات قضائية من قِبَل هذه السلطة وفقاً للأصول، وبغالبيّة أعضاء مجلس القضاء الأعلى كما يقتضي قانون التعيينات القضائية، لم يَجْرِ توقيع المرسوم من قِبَلكم.
بينما النائب العام الاستئنافي في «جبل لبنان» القاضي غادة عون، وكذا قاضي التحقيق الأوّل في «جبل لبنان» القاضي نقولا منصور يتصرّفان وكأنّ السلطة القضائية جميعها بيدهما تحت مقولة-: «الهوى السياسي… والمآسي».
إزاء ما يحصلُ، يتبيّـن لكل مطلع على أحوال القضاء في لبنان، وعلى الشّأن القضائي بإطار التعامل اليومي، أنّ هناك صيفاً وشتاءً فوق سقف واحدٍ، والسقف هذا هو السقف السياسي (للأسف الشديد).
إنّه قضاء العهد ينتصر على عهد القضاء! وكلّما تمنينا أن نأتي بقضاء مستقل نصطدم بحائط السياسة العمياء، الحمقاء، غير المسؤولة.
وإلى أن يتحقق عهد القضاء نطلب من العهد رفع يده عن القضاء، بأن يقوم القضاء بسلطته الموحّدة المتمثّلة بمجلس القضاء الأعلى ليحكم نفسه بنفسه.
وأخيراً وليس بآخرٍ، أيها السّاسة، وبكلّ حماس، ولأنّ الوضع حسّاسُ، إرفعوا أيديكم عن القضاء كي ترتاح الناسُ.
فخامة الرئيس
إنّ أكبر دليل على أنّ القضاء أصبح في عهدكم مُسَيّساً، هذه الصدفة!! ان كل القضايا ترفع الى القاضية غادة عون في جبل لبنان، والصحيح يجب أن تذهب الى بيروت ومدّعي عام التمييز فيها، أي يجب أن تذهب الى الأصل. وهذا ما دفع الوزير فرنجية الى القول إنّه مستعد تسليم أحد المطلوبين للقضاء ولكن الى القضاء العادي، هذا يعني أنّ غادة عون ونقولا منصور لم يعودا مؤهلين للبت بأي قضية، وقبل هذا كانت حدثت حادثة مع رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، فبدل الادعاء عليه في بيروت، وجهت الدعوى من جبل لبنان (غادة عون) والفضيحة الكبرى أنّ ميقاتي ليست له أي علاقة بالموضوع بل إنّ القرض الذي حصل عليه ابنه وابن شقيقه كان باسميهما لا باسم الرئيس ميقاتي، فالتوريث يا فخامة الرئيس لا يكون كيدياً خصوصاً اننا نعيش أصعب مرحلة إقتصادية يعيشها لبنان، وهذه الأزمة إن لم تكن مسؤولاً وحدك عنها ولكن جزءاً اساسياً منها انت المسؤول عنه، وللأسف انها جاءت في عهدك الميمون.
ألم يكن اتهام اورور فغالي مقدّمة لإحراج رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع؟
لذلك، فإنّ الإعتداء على كل مرشح لرئاسة الجمهورية لن ينفع في مخطط التوريث والذي ينفع وإن كان أصبح من الماضي بسبب الفشل والطرق الملتوية التي تقومون بها.