Site icon IMLebanon

رئاسة الجمهورية ومفتاح الحرب العالمية

 

إفتتحت الممانعة حقبة جديدة من فرض سيطرتها على لبنان. فقد انتهى عهد التسامح والتنازل، وبات لزاماً وضع النقاط على حروف مصير هذا البلد مع ظهور بوادر تسوية إقليمية يمكن أن تنتجها «حرب غزة»، التي لن تقتصر مفاعيل بحث وسائل الخروج منها على القطاع وحركة «حماس» لتتجاوزها إلى ما يُرسم للمستعمرات الإيرانية من بغداد إلى دمشق إلى صنعاء إلى بيروت.

 

ومن لا يصدق أو يؤمن بهذه المعادلات، يمكن إحالته إلى ما قاله النائب السابق حسن يعقوب عن أنّ الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله يمسك بمفتاح الحرب العالمية الثالثة، وأن الدول لا تريد فتح جبهة شمال إسرائيل على «الحزب»، لأنّه في حال فُتِحت ستزول إسرائيل من الوجود، وهذه الدول تتوسل «الحزب» عدم فتحها.

 

أو يمكن متابعة ما يروِّجه الممانعون عن أن حملات التخويف والتهديدات بفتح إسرائيل جبهة الجنوب واسعة وربطها بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية هي مؤامرة، يتولى تنفيذها بعض السفراء في اجتماعات الخماسية، التي نشطت بكبسة زر مشبوهة، وهي تصبّ في خانة الضغط على لبنان، ولأجل استثمارها في حل عقدة الملف الرئاسي، لفرض شخصية تناسب أصحاب المؤامرة وتنال من «المقاومة ومحورها وسلاحها»، وتشدد على تنفيذ القرار 1701 خدمة لإسرائيل الخائفة من الاضمحلال على يد «جماعات مقاومة لا تأتمر بأوامر إيران وتُقرّر أفعالها بناءً على مبادئها الخاصّة»، على ما أكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية.

 

أي بالعربي الفصيح، أدخل المحور الممانع مسألة رئاسة الجمهورية واجتماعات سفراء دول الخماسية في خانة الارتياب، وذلك ليقطع الطريق على كل ما من شأنه أن يشاركه القرار، ليستفرد وحيداً ومنفرداً بالملف اللبناني من ألفه إلى يائه.

 

فالمحور، وتحديداً رأسه الإيراني يعتبر أنّه الأصيل لبحث مصير لبنان، وكل الوكلاء ينبغي في هذه المرحلة إحالتهم إلى التقاعد، بعدما أنجزوا له المطلوب منهم. وهو من الآن فصاعداً سوف يتولى البحث والتفاوض المباشر وغير المباشر، سواء في مسألة رئاسة الجمهورية أو ترسيم الحدود مع إسرائيل أو مطلق شأن يتعلق بالدولة العلية.

 

والظاهر أنّ اليوم التالي لما بعد حرب غزة أصبح في وارد البحث والتفاوض، لذا اعتبر وزير الخارجية الإيراني عبد الأمير عبد اللهيان أنّ «الحل السياسي هو طريق الحل لإنهاء حرب غزة». ولأنّ إيران راهنت منذ عملية «طوفان الأقصى» على أن تمسك بيدها أوراق المفاوضات، ليس فقط المتعلقة منها بالقضية الفلسطينية، ولكن أيضاً بكل مستعمراتها، ومنها لبنان. ولا عجب فهي التي هندست ووحدت الساحات وتلقت ولا تزال تتلقى الضربات، وهي التي تصر على ضبط النفس ودوزنة الرد بما لا يفتح الجبهات واسعة، لتلتقي بذلك مع الولايات المتحدة في قرار عدم المواجهة المباشرة، وفق ما أوردته وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، من «أنّها لا تعتقد أنّ إيران تسعى إلى الدخول في حرب مع الولايات المتحدة، وأنّ واشنطن لا تسعى للحرب أيضاً»، وذلك بعد يوم من مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين وإصابة عشرات آخرين في الأردن على أيدي جماعة مدعومة من إيران.

 

بالمختصر المفيد، لا صوت يعلو فوق صوت الممانعة ورأس محورها، وعلى اللبنانيين أن يتقبلوا هذا الواقع، وأن يتحضروا نفسياً لاحتمال صياغة مشروع سياسي على قياس الصمود والتصدي، ويستسلموا لكونهم محكومين من حزب قادر على إزالة إسرائيل من الوجود، لذا سيطلب المجتمع الدولي وده ورضاه، حماية للكيان الصهيوني، وربما سيقبل هو بتقديم هذه الخدمة للبشرية، ويجنبها حرباً عالمية ثالثة، ما دام أمينه العام يمسك بمفتاح هذه الحرب.