«حَذِرَة» و»قلقة جدّاً» و»خائفة جداً»، تحاصرني أشباح العامين 1989 و1990.
ولكنّ المادة 49 من الدستور اللبناني تبعث على الاطمئنان بأنّ هذه المرّة مختلفة عن «هيديك المرّة» والمادّة 49 من الفصل الرابع «السلطة الإجرائية»: «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور»، «أتمنّى فعلاً أن يكون وجود فخامة الرئيس في قصر بعبدا خيراً عارماً وغير وجوده فيه كرئيس حكومة عسكريّة»، أتمنّى من كلّ قلبي.
أمريْن سخيفين تابعناهما بالأمس الأوّل من داخل المجلس والثاني عبر المواقع الإخباريّة الأوّل ترك مشهداً لن ينسى يدلّ على خفّة وسخافة إذ بعض الذين يفترض بهم أن يمثلوا لبنان وشعبه في مجلس النواب، فمنهم الخسيس الذي لا يملك أدنى حسٍّ بالمسؤوليّة ليدوّن اسم «ميريام كلينك» لمنصب الرئيس، والآخر «خبيث» تصرف في لحظة مصيريّة بخبثٍ شديد فتسبب بإعادة التصويت في الدورة الثانية أربع مرات… ولوقت ظنّنا أن فاعل هذه «العملة» أحد نوّاب «الحضانة» أطفال المجلس، فإذا بنا يصدمنا أنّ من عطّل التصويت بهذه «الزعبرة» اللاأخلاقيّة جعلتنا «فرجة» على مرأى من الشعب اللبناني ودول العالم وممثلوها، إلى أن سُرِّب مشهد واحدة من كاميرات المجلس كشف فعلة الرئيس ميشال المرّ عندما ضبطته متلبساً بإسقاط مغلّفين في الصندوق بأعصاب باردة ووجه حياديّ إلى حدّ مخيف، ولو يا دولة الرئيس إذا كان هذا السلوك لا يليق بأطفال المجلس نسألك، هل يليق هذا السلوك برجلٍ له من العمر ثمانية وأربعين عاماً.. «يا عيب الشوم»!!
الأمر الثاني، خارجي، عاجلنا به علي أكبر ولايتي مستشار علي الخامنئي مرشد الجمهورية الإيرانيّة للشؤون الدولية، واعتبر ولايتي أنّ «إحدى الشخصيات الرئيسية في هذا الانتخاب هو السيد حسن نصرالله قائد المقاومة الاسلامية في لبنان، لانّ سماحته تعهّد لعون منذ البداية بسبب خبرته وكفاءته وقدمه كمرشح له وأثبت في نهاية المطاف التزامه بعهده رغم جميع الضغوط الداخلية والخارجية»، بالطبع هذا كلام رخيص وسرقة موصوفة لإنجاز لبناني في معظمه لحقت به البركات الدوليّة.
علينا هنا أن نذكرّ عجز حزب الله وتعطيله للمجلس منعاً لانتخاب رئيس للجمهوريّة، وأنّ أي خطوة عمليّة في ملفّ ترشيح العماد ميشال لم تسجّل إلا بعد التضحية التي قدّمها الدكتور سمير جعجع بسحب ترشيحه لصالح تبنّيه الجنرال ميشال عون مرشحاً للرئاسة، إذن رئيسنا «صنع في معراب» لا في «طهران» ولا في «حارة حريك»، وقبل أحد عشر يوماً الميثاقيّة والمناصفة واتفاق الطائف وثيقة الوفاق الوطني، قادت الرئيس سعد الحريري إلى قرار تاريخي بتبني ترشيح الجنرال ميشال عون للرئاسة، وغير هذا «كذب وافتراء»..
زادني بالأمس قلقاً على قلقٍ، حجم الآمال الكبرى التي يعلّقها كثير من اللبنانييّن على العهد الجديد، لذا اعتبرت الحذر والتحفّظ أسلم في هذه المرحلة، العهد بالكاد بدأ، ومن الظّلم كبّ كلّ الأحلام «المستحيلة» غالباً ومطالبته بها، من ينظر إلى النيران حولنا يُدرك أنّ الجيش والاستقرار الأمني وتعزيز قدرات الجيش اللبناني والقوى الأمنية لمحاربة الإرهاب هي البند الأوّل على طاولة العهد…
مبروك.. هزمنا التعطيل وغادرنا فخامة الفراغ، عاد لقصر بعبدا دوره، والرئاسة الأولى استعادت رأسها، وصار للبنان رأسٌ ورئيس، ومن دون شكّ سيكون عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون في مواجهة تحدياتٍ كبرى ومصيرية والرّجل سيحمل عبئاً لا يُحسد عليه في هذه الحقبة السوداء الحرائقيّة والدمويّة من تاريخ المنطقة، نسألُ الله أن ينجوَ لبنان من شررِ نيرانها.