في ظل مشهد الجلسات الرئاسية المتكررة، من دون أي نصاب قانوني لإنتخاب رئيس وإستمرار غياب المرشحين ونوابهم، بإستثناء مرشح واحد هو النائب هنري حلو. بالتأكيد المشهد سيبقى كذلك طالما ان العناد السياسي سيّد الموقف والمصالح الشخصية متفوقة كالعادة على مصالح الوطن، بحسب ما ترى مصادر سياسية في 14 آذار، لان ما نعيشه من تشنجات لا تزال تطغى على لبنان، وهنالك خوف كبير من بقاء الوطن ضمن هذه الصورة المرفوضة، في انتظار اتفاقات بعض الدول العربية والاقليمية المسيطرة سياسياً على لبنان، والتي تنقل صراعاتها الى الداخل اللبناني، فنسمع خطابات نارية يومية، فيما يحّل السلام في دقائق حين تتفق تلك الدول مع بعضها، معتبرة ذلك قمة في الغباء السياسي لمن يرضى بلعب هذا الدور على صعيد وطنه ككل، وبالتالي فكل هذا يؤثر على الموقع الرئاسي الذي بات في مهّب الريح. لذا بتنا نطمح لسماع كلمات قليلة تطمئننا عن مصير هذا الاستحقاق، الذي اصبح في ايدي الخارج بسبب ضعف بعض المسؤولين اللبنانيين الذين يسمحون بذلك، ويسيرون وفق إنتماءاتهم المذهبية وتبعيتهم لتلك الدول بحسب مذهبها.
الى ذلك ترى المصادر المذكورة بأن ما يحصل اليوم من تناقضات على الساحة الرئاسية، لن توصل أي رئيس من الاقطاب المسيحيين الى قصر بعبدا. وتعتبر بأن دعوة الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله للعودة إلى لبنان إيجابية، وهدفها بناء الدولة من خلال الشراكة، وفي طياتها دعوة الى إتباع سياسة النأي بالنفس وسحب إرسال مقاتلي حزب الله من سوريا والعراق واليمن، والاحتفاظ بهم كمقاومة ضد اسرائيل. بحسب المصادر في 14 آذار التي رأت ان ثمة إيجابيات برزت في هذا الاطار ايضاً، ومنها موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي رفض وصف الحزب بالارهابي، وهذا بالتأكيد تم بموافقة الحريري، مما يعني ان الاخير يعمل من اجل حوار بناء مع حزب الله، للحدّ من مخاطر الشارع السّني- الشيعي في لبنان، وهو نجح بذلك لغاية اليوم ،لان القرار متخذ من الفريقين بأن لا معارك مذهبية مهما حصل، بإستثناء مناوشات قد تحصل بين الحين والاخر بين عناصر او مناصرين ستبقى ضمن موقعها ولن تتخطى حدودها.
وعلى صعيد جديد الملف الرئاسي وتوّقع الحريري حصول الإنتخابات الرئاسية في شهر نيسان المقبل، رأت المصادر عينها انه لربما قال ذلك إنطلاقاً من اعلان الرئيس الايراني حسن روحاني، بأن وفداً ايرانياً سيزور المملكة العربية السعودية في الشهر المذكور، مشيرة الى ان مرشحين بارزين سيظهران قريباً على الساحة الرئاسية، وبالتأكيد لا عون ولا فرنجية ، وهما يلعبان منذ فترة دوراً بارزاً، ولفتت الى ان صدى تأييدهما بات قوياً في الخارج اكثر من الداخل، ومن يحظى بالتأييد الخارجي سيناله بالتأكيد في الداخل، لان لبنان بلد مسيّر لا مخيّر سياسياً.
وختمت المصادر بالاشارة الى ما اعلنه النائب وليد جنبلاط بعد زيارته باريس، ولقائه الرئيس فرانسوا هولاند ووزير الخارجية جان مارك إرولت وغيرهما من القيادات، التي تناول معها الملف الفرنسي بحيث قال: «لا مجال لأي منهما أي عون وفرنجية بأن يفوز بالرئاسة، طالما هناك فريق يعطل الإنتخاب وهو يتحمل مسؤولية الشغور الرئاسي، وما يترتب على ذلك من تدهور اقتصادي متفاقم وخطير، الى جانب تعطيل المؤسسات، ما قد يؤثر على استقرار البلد، الى أن يدرك حزب الله أخطار التعطيل التي تنعكس على الجميع»، ناقلة بأن الحريري وجعجع وكل السياسييّن يعرفون ضمناً بأن لا حظوظ رئاسية لفرنجية وعون، وبأن ثالثاً وفاقياً ووسطياً سيحظى بالمنصب بالتأكيد.