مصادر بارزة : لا جلسات لمجرّد الجلسات!
على وقع الغليان الذي تشهده جبهة الجنوب حيث التصعيد سيد الموقف، بعدما توغل العدو الاسرائيلي اكثر في العمق اللبناني، متخطيا كل الخطوط الحمراء، عبر استهداف بعلبك للمرة الاولى منذ حرب تموز 2006، يكمل تكتل “الاعتدال الوطني” بمبادرته ويعقد اجتماعات مع المعنيين، كان آخرها امس مع “المردة”، عبر اللقاء الذي جمع اعضاء التكتل بالنائب طوني فرنجية، وقبله بكركي حيث وصف البطريرك الماروني الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي مبادرة التكتل “بالحلوة” ، بعدما رحب بها وبجهود التكتل، الذي كان زار رؤساء الكتل، وعقد لقاءات مع بعض نواب “التعيير” و”المستقلين”.
لكن وعلى الرغم من الايجابية التي سمعها اعضاء التكتل في مختلف اجتماعاتهم، فان الانظار تتوجه الى لقائهم بحزب الله، وتحديدا مع كتلة “الوفاء للمقاومة”، بعدما طلب التكتل موعدا . المعلومات في هذا الاطار تشير الى ان كتلة “الوفاء للمقاومة” ستعطي موعدا لـ “الاعتدال”، وهي ستبدي كل انفتاح على النقاش والحوار، اذ يكشف مصدر موثوق به في 8 آذار ان موقف الحزب معروف، وهو مؤيد للحوار منذ اللحظة الاولى، لكن مرشحه معروف ايضا وهو رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ونقطة على السطر يختم المصدر.
فهل ينجح تكتل “الاعتدال الوطني” وينتزع من الجميع نقاشا بالملف الرئاسي والاسماء؟ اوساط بارزة مطلعة على جو الثنائي الشيعي تجيب : لا شك ان نيات التكتل جيدة وايجابية ، ولسنا بصدد التشكيك فيها مطلقا، لكن سؤالا يطرح نفسه : هل ما عجزت عنه “اللجنة الخماسية” وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية والسعودية وقطر وفرنسا وغيرها، ستنجح فيه كتلة “الاعتدال”؟ لتضيف : الجميع يعلم ان لا احد يتحدث راهنا بالملف الداخلي اللبناني، لا في الخارج ولا الداخل.
وتستطرد الاوساط هنا لتقول : صحيح اننا نفصل بين ملف الرئاسة وملف الحرب على غزة وجبهة الجنوب، لكن احدا لا يتحدث راهنا حتى بملف الجنوب، حيث الجبهة مفتوحة منذ 8 تشرين الاول، اما ملف الرئاسة فوقته لم يحن اصلا ، حتى ان هوكشتاين يدرك تماما هذا الواقع، وهو يقول ان الملف اللبناني مرتبط بهدنة غزة.
ولكن كيف ابدى الرئيس نبيه بري تأييده للمبادرة، وابلغ حتى سفراء “الخماسية” انه مؤيد ويسير بها؟ تجيب الاوساط : لا يمكن لبري الداعي الاول للحوار، الا ان يبدي انفتاحه على طرح يتعلق بالنقاش، كيلا نقول حوار لتسهيل انتخاب الرئيس، لكنه يدرك تماما ان هذا المسعى لن يصل الى نتيجة، ما دام لا مرشحين جديين لفتح ابواب البرلمان والدعوة لجلسة انتخاب. وتتابع الاوساط بان بري قال مرارا انه لن يدعو لجلسة لمجرد جلسة، ففي حال لم يكن يدرك انها ستكون منتجة فلن يتخذ هكذا خطوة، وهو يبلغ الجميع ما مفاده : “جيبوا مرشحين جديين لافتح جلسات متتالية”.
وتشير الاوساط الى ان انتخاب الرئيس في لبنان ليس بهذه البساطة، اي لا يكون على قاعدة تشاور وطرح اسماء وبعدها فتح البرلمان، فالامور لا تسير بهذه الطريقة.
هذا في الداخل اما في الخارج، فتكشف مصادر مطلعة على جو “الخماسية”، ان الجميع يدرك ان لا كلام حول ملف لبنان راهنا، وما الحراك الذي تقوم به “اللجنة الخماسية” الا حراك لمجرد الحراك ، وتشير المصادر الى ان اميركا تدرك تماما ان ملف لبنان مرتبط بوقف الحرب على غزة، وهي تتروى في طرح اي افكار، فيما عدم اكتراث السعودية لملف لبنان لا يزال على حاله، برأي المصادر، التي تؤكد ان شيئا لم يتبدل بعد، وتعيدك المصادر هنا لتذكّر بانه خلال اللقاء الشهير الذي جمع وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان بولي العهد السعودي ، اكد عبد اللهيان لولي العهد المملكة ان النقاش سيشمل اليمن والعراق ولبنان، فبادر الاخير بالقول : “لبنان كله لا يعنينا راهنا”.
وتسأل المصادر: هل هي صدفة ان يكون سعد الحريري في بيروت، وان يكون السفير السعودي في الرياض ؟ وتشير المصادر الى ان الجانب السعودي تحرك ضمن “الخماسية” ردا فقط على الحراك القطري لا اكثر ولا اقل. وتختم المصادر المطلعة على جو الثنائي بالقول : هل سنقبل اليوم مثلا اللواء البيسري او السفير جورج خوري بدلا من فرنجية؟ فهذا الامر لا يقارب هكذا.
على اي حال، واضح من هذا الكلام ان حراك تكتل “الاعتدال” سيكون مثله مثل حراك “الخماسية” في الوقت الضائع، اي حركة بلا بركة وتمرير للوقت، ولكن يسجّل كثر للتكتل الوسطي اخذه المبادرة، واقله محاولة معالجة الامر داخليا لانتاج رئيس صنع في لبنان، لكن المدرك لتركيبة لبنان يعرف تماما ان انتخاب الرئيس لم يكن يوما مسألة داخلية، باستثناء انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، يوم كانت الظروف التي يمر بها البلد غير تلك التي نعيشها راهنا ، فاستحقاق الرئاسة سيرتبط حكما بالستوية الكبرى التي ستلفح المنطقة بأكملها، والتي يبدو ان موعدها لم يحن بعد.
وبانتظار ان تدق ساعة التسوية المنتظرة، ماذا عن جبهة الجنوب وكل التهويل بايام واسابيع خطرة تؤذن بتوسع الحرب جنوبا، وامكان استهداف “اسرائيل” لمناطق ابعد من الضاحية باتجاه بيروت او جبيل او كسروان ؟ مصدر موثوق به متابع لمجريات الاحداث على الجبهة الجنوبية يعلق بالقول: رغم كل التهديدات وتحليلات البعض، فهناك قرار كبير من كل الاطراف بالداخل كما الخارج، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بعدم اخذ المنطقة الى حرب شاملة. وعليه تشير المصادر الى انه صحيح ان التصعيد هو سيد الموقف جنوبا، لكن الضربات توازى بضربات اخرى اي رد مقابل رد ، وتتابع : تمّ ضرب النبطية وردت بعدها المقاومة ردا قويا، وسمعنا ان الحرب “ولعت” ، لكن لم يحدث ذلك. وقبل ايام تمّ استهداف بعلبك، فاتى الرد ايضا داخل العمق “الاسرائيلي” ولم تتوسع الجبهة. ليختم بالقول : “حتى الساعة الامور مضبوطة، والقرار الكبير هو بعدم الذهاب للحرب الكبرى!