الوزير الفرنسي سينقل قلق الأوروبيين حول تداعيات الجبهة
مع تصدر الاهتمام الدولي بملفي الجنوب والنزوح، لم يعد الاستحقاق الرئاسي أولوية يعمل عليها, ولعل المناقشات التي تتم داخل الكواليس وخارجها تعزز هذا التوجه, وهذه المعطيات تصب في تأكيد واحد وهو أن الانتخابات الرئاسية في لبنان معلقة, بانتظار تطور ما. فأي تحرك يرصد لا يرتقي إلى مستوى إنجاز ما.
وأي حديث عن تسوية قيد العمل في الوقت الراهن لا يزال باكرا, في حين أن أية مقترحات بشأن وضع الجنوب, لن تمر من دون ضوء اخضر من جانب حزب الله.
وتفيد مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الاستحقاق الرئاسي ابتعد قليلا على الرغم من المحاولات التي تبذل من أجل فصله عن ملف غزة ولكنها فشلت، وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري واضحا في قوله أن الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد, وهذا ما أكده أكثر من مصدر له صلة بالملف الرئاسي، وتشير إلى أن حراك اللجنة الخماسية هو لملء الفراغ في التحرك المناسب, واعضاؤها يجولون على القيادات, لكن حتى الآن ما من مؤشر يدل على إمكانية الوصول إلى نتيجة، ويقول أحد السفراء في جلساته الخاصة أن اللجنة تعمل على تراكم الإيجابيات، وعندما تنضج هذه الطبخة, تكون هذه الإيجابيات من بين المواد المستخدمة فيها, فيتم إعطاؤها الطابع اللبناني، وكل حراك اللجنة مفيد لكن لن يؤدي إلى أي مكان، لاسيما أن قدرة التأثير ليست متوفرة لديها، وهي تعمل على جعل اجواء الحوار قائمة بطريقة غير مباشرة.
وتعلن المصادر نفسها أن تحرك كتلة الاعتدال الوطني وصل عمليا إلى طريق مسدود، فهو يواجه ما يواجهه حراك اللجنة الخماسية من تعثر في تحقيق أي تقدم على صعيد الملف الرئاسي، وبالتالي فإن موضوع الحوار الذي يطرح دائما هو أحد أبرز نقاط الخلاف بشأن الدعوة وترؤسها, مؤكدة أن زيارة وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه والأيحاء بأن هدفها تحريك هذا الملف ليست كذلك، إنما هي للحض والتحذير من الناحية الأمنية ومن اي تطور يؤدي إلى توسيع رقعة الاشتباكات في الجنوب, وهذا ما يعمل عليه المسؤولون الأميركيون في الوقت الراهن, والفرنسيون سارعوا إلى المشاركة في هذا الأمر، ولذلك فإن الأفكار التي يحضرها الوزير الفرنسي هي تطوير أو تحديث للمقترحات السابقة التي سجل بشأنها تحفظ, وبالتالي هناك محاولة لتسويق مقترحات جديدة التي تعد نسخة مطورة أو معدلة من المقترحات القديمة وما من فرص متوافرة لنجاح هذه المقترحات، لكن لبنان سيستمع إليه ويعيد فتح ملف النازحين السوريين لأن أوروبا معنية به.
وتقول أن سيجورنيه سينقل قلق الاوروبيين في موضوع الجنوب وما يمكن أن يستجد في ما لو قامت مواجهة موسعة بين حزب الله و إسرائيل فضلا عن قلقهم من ملف النازحين خصوصا أن أحوال الطقس تساعد وتشجع على «تنظيم رحلات الهروب أو اللجوء أو زوارق الموت «من الشمال خلسة, وهناك أشخاص مستعدون للذهاب, موضحة أن الحديث في ملف الجيش وتطويع قوة إضافية عددها غير محسوم للإنتشار في الجنوب عندما يتم تطبيق المقترحات، وتردد أن ما من حماسة لدى الثنائي الشيعي للخطة الفرنسية،ولا تزال كلمة السر لتحريك أي ملف الانتهاء من حرب غزة.
وفي هذا السياق, تقول أن ما من معطى واضح حول انتهاء هذه الحرب فضلا عن أن المحاذير حول رفح تزداد يوما بعد يوم, كل ذلك يعكس اجواء غير مريحة حتى أن الأميركيين الذين حظروا على نتنياهو الاقدام على حرب رفح يتحدثون اليوم عن إجراء عمليات نوعية وليس اجتياحا بمعنى الاجتياح, إذا يعمل على إيجاد مخرج للإسرائيلي في هذا الأمر من دون قتل مليون ونصف فلسطيني من النازحين في هذه المنطقة.
وترى أننا أمام مرحلة راوح مكانك, إذ ما من تقدم رئاسي ولا حتى أمنيا, وعلى الرغم من الضغط الأميركي فإن خطر توسع الحرب في الجنوب لا يزال ماثلا مع الإشارة إلى أن هناك الأميركيين يتحركون في إطار ضبط الوضع هناك, والخشية من ان يؤدي تقطيع شهر أيار من دون احراز أي تقدم في هذين الاتجاهين, إلى أن يستغرق الأمر وقتا أكبر لأن المخاوف الحقيقية تكمن في دخول الأميركيين في نفق الانتخابات الرئاسية في شهر تموز المقبل، ما قد يدفع إلى تراجع اهتمامهم بالملف الرئاسي تحديدا، وبما أن المعطيات تؤشر إلى أن هذا الملف لن يختتم بجدية إلا من خلال حوار أميركي- ايراني- سعودي, فذاك يعني أن الأمور الأساسية لن تسلك الحل, فإن هناك رأيا يقول أن الرئيس المقبل هو من يدير التسوية التي يتم التوصل اليها أو على الأقل يدير المراحل المتقدمة منها خلال البحث الجاري.
واوحت الجهات التي تدور في فلك تأييد العماد جوزف عون للرئاسة وفق المصادر ذاتها بأنه مع نهاية ايار أو أوائل شهر حزيران ينتخب رئيس للجمهورية، بإعتبار أن الظروف والتطورات الخارجية تضغط ولن تكون هناك قدرة على المزيد من التأخير, مشيرة إلى أن الأجواء التي تم ضخها بعد زيارة الرئيس نجيب ميقاتي والعماد عون إلى فرنسا, لم يكن صداها مريحا لفريق الممانعة الذي بعث برسائل مفادها أن مرشحه لا يزال النائب سليمان فرنجية وما من حديث حول بدائل عنه أو حلول أخرى تؤدي إلى إيصال غيره للرئاسة, وهذا يعني أن موضوع الاستحقاق الرئاسي لا يزال غير ممكنا والهم في الوقت الراهن يتوزع على تطورات الجنوب وملف النازحين ورحلات الموت من الشمال.
الطريق إلى الرئاسة لا يزال محفوفا بالعوائق,لكن عندما يصبح أولوية الأولويات فإنه يصبح واقعا ملموسا وشيكا أكثر مما يظنه البعض.