IMLebanon

الثمن البخس

 

يشهد ملفّ رئاسة الجمهورية جموداً على كل المسارات، فرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي توقّف عن الدعوة إلى جلسات يطير نصابها، والجهود الداخلية لتأمين توافقٍ لم تنجح، ومحاولة «حزب الله» فرض مرشحٍ من قبله لم يُكتب لها النجاح بعد، كما أنّ الجهود الخارجية لم ترقَ إلى ضغطٍ فعليّ باعتبار أنّ العرب والعالم يرغبون في النأي بالنفس عن المستنقع اللبناني.

 

هذا الواقع يزعج بالتأكيد شريحةً من اللبنانيين المؤمنين بالوطن والدولة وهم يرون أمام أعينهم كيف أنّ المؤسسات تتداعى وكيف أنّ العديد من القطاعات التي كان يتميّز بها لبنان تضمحلّ، ما حوّلنا إلى كيانٍ متخلّفٍ تسيطر عليه الغرائز والظلامية التي ترفض الحرية والرأي الآخر وتحلّل إزهاق الأرواح وفق خارطة طريق لبثّ الخوف والرعب في صفوف النخب والعامة بهدف إسكاتها أو جعلها لا مباليةً بالواقع السيّئ.

 

في المقابل هناك شريحة لا يزعجها هذا الواقع وتعمل على استمراره لأنّه يشكّل أفضل تغطية لممارساتها السياسية والإقتصادية والأمنية، وأكبر دليل على ذلك هو أنها تدرك مخاطر انهيار المؤسسات والقطاعات ولكنّها لا تبادر إلى أي خطواتٍ إنقاذيةٍ فعليةٍ سوى تكرار القول إنّها حريصة على لبنان، ولم تُفصح يوماً عن كيفية تحقيق هذا الحرص. بل إنّ اللغة التي تتحدّث بها لا تخرج عن سياق التهديد والوعيد ورمي المسؤوليات في كل الاتجاهات، والإمعان في استمرار نهجها في السيطرة على البلد وهو النهج الذي أوصل إلى الإنهيار والإنعزال. ومشكلة بعض من في هذه الفئة أنّه يمارس السياسة من خلال مبدأ المقايضة والبيع والشراء على حساب الاستقرار والدولة.

 

إنّ انتخاب رئيس لا يدور في فلك هؤلاء هو الخطوة التي يقاتلون من أجل عدم تحقيقها، لأنّها ستكون الخطوة الأولى في مسيرة بناء دولة، ولذلك فإنّ تعطيلهم قد يستمرّ إلى ما شاء الله أو حتى تأمين انتخاب رئيس يمسكون بإرادته وقراره، ولكن انتخاب رئيسٍ من هذا النوع إذا حصل لا يتحمّلون هم وحدهم مسؤولية انتخابه، بل إنّ المسؤولية الكبرى وبالجرم المشهود تقع على بعض نوّاب يوصفون بالمعتدلين والمستقلّين، وحقيقة هؤلاء إن أقدموا على ذلك أنّهم باعوا معركة استعادة لبنان بثمنٍ بخس.