تقاطع معلومات عما دار بين بعض الشخصيات اللبنانية ومسؤول ملف الرئاسة في الإليزيه
ما كان أمراً مفاجئاً أنه عندما التقت مصالح مكونات المنظومة النيابية، سهل التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، في حين أن هذه المكونات نفسها، تتآمر على كسر نصاب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بعد ما يقارب الستة أشهر على الشغور الرئاسي الذي فاقم من معاناة اللبنانيين على كافة المستويات. ومن الطبيعي أن تقف القوى السياسية في معظمها، موقفاً رافضاً لإجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها، كي لا تكشف على حقيقتها، في حال أجري هذا الاستحقاق، بعد الغضب الشعبي من ممارسات هذه المنظومة التي أوصلت البلد إلى جهنم.
وإذا كانت كتلة «الجمهورية القوية» التي لم تشارك في الجلسة التشريعية، إلى جانب نواب «الكتائب» والتغييريين، بصدد التحضير للتقدم بطعن إلى المجلس الدستوري، ضد التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، ولو موقتاً، إلا أن ما جرى في المجلس النيابي، أثار امتعاض البطريركية المارونية التي حملت النواب مسؤولية هذا التمديد، متسائلة في الوقت نفسه، هل أن التمديد للبلديات أهم من تأمين النصاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ وهذا إن دل، فإنما يدل على مدى فساد الطبقة السياسية التي تضع مصالحها الضيقة، قبل مصلحة البلد والناس، ولا تكترث للنتائج المدمرة الناجمة عن الشغور الرئاسي الذي أغرق لبنان في منزلقات بالغة الخطورة.
وفي الوقت الذي أجمعت فيه المواقف على أن ما جرى بين ساحة النجمة والسرايا الحكومية، كان مهزلة بكل معنى الكلمة، فهل إلى هذه الدرجة تستخف السلطة الحاكمة بعقول الناس؟ في وقت لم يعد خافياً على أحد، أن مصالح هذه المنظومة تتقدم على أي اعتبار آخر. وهكذا يتمدد الفراغ بمشهد بالغ السلبية، من رئاسة الجمهورية، إلى حكومة غير فاعلة، إلى مجلس نيابي مشلول، وصولاً إلى تعطيل الاستحقاق البلدي والاختياري. فأي صورة عن لبنان، الدولة والمؤسسات، تريد هذه المنظومة أن تنقلها عن لبنان، للعالم الخارجي الذي لا يمكن أن يقدم أي مساعدة للبلد، في ظل وجود هكذا طبقة سياسية أوصلته إلى قعر جهنم، بأدائها وممارساتها.
وتوازياً مع تحضيرات «القوات» للطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية، فإن أوساطاً قضائية أشارت إلى الباب مفتوح لتقديم طعن بقانون التمديد، مستشهدة بقرار المجلس الدستوري في العام 1997 الذي أبطل التمديد الذي حصل للمجالس البلدية في حينه. وهذا لن يكون مستغرباً في ظل الشوائب التي تعتري قانون التمديد، خاصة وأن لا عقبات جدية تحول دون إجراء الاستحقاق البلدي في مواعيده التي سبق وحددتها وزارة الداخلية والبلديات، رغم محاولة الالتفاف على قانون التمديد، بالقول إنه تقني، لتفادي إبطاله في المجلس الدستوري.
حديث عن إمكانية عودة ثانية للموفد القطري إلى بيروت بعد عطلة عيد الفطر
وسط هذه الأجواء، وفي ظل حديث عن إمكانية عودة ثانية للموفد القطري الوزير محمد الخليفي إلى بيروت، بعد عطلة عيد الفطر، من أجل جولة مشاورات جديدة مع القيادات اللبنانية، لمتابعة وساطة بلاده بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، لإزالة العقبات من أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فقد بدت لافتة المواقف التي أطلقها مرشح «الثنائي» رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من بكركي، حيث حاول أن يظهر نفسه بأنه لا زال متقدماً على غيره في السباق الرئاسي، وأنه الأقرب للوصول إلى قصر بعبدا، في وقت لا تشير المعطيات إلى أي شيء من هذا القبيل. فالسواد الأعظم من المسيحيين يعارض انتخابه رئيساً للجمهورية، عدا عن أن العارفين ببواطن الأمور، يجزمون بأن المملكة العربية السعودية والدول الخليجية تعارض وصوله إلى الرئاسة الأولى. وبالتالي فإن الأمور تبدو على درجة كبيرة من الصعوبة، في إزالة ما يعترض فرنجية من صعوبات لتحقيق حلمه. إذ كيف يمكن انتخاب الرجل رئيساً للجمهورية، وهو المرفوض من داخل بيته؟ عدا عن افتقاده للغطاء العربي، والخليجي تحديداً.
وقد سمع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، من رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، موقفاً مسيحياً شاملاً معارضاً وبقوة لانتخاب فرنجية. كما سمع الكلام نفسه من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وهو أمر لا يمكن أن تتجاهله باريس، في إطار سعيها لتقريب المسافات بين اللبنانيين لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. وإن كانت لا تزال تأمل بأن تسوّق فرنجية عند السعوديين والخليجيين، بانتظار ما سيخلص إليه الاجتماع الخماسي بعد عيد الفطر.