على الرغم من كل الضجيج القائم حول الاستحقاق الرئاسي، في الوقت الراهن، يبدو أن المعركة الفعلية لن تبدأ قبل بداية شهر أيلول المقبل، أي قبل، أو بموازاة الانتهاء من ملف ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل»، سواء كانت النتيجة إيجابية أم سلبية، نظراً إلى التداعيات التي من الممكن أن يتركها هذا الملف على مختلف الواقع اللبناني بشكل عام.
في الفترة الفاصلة، هناك معادلة لا ينبغي تجاهلها تقوم على أساس السعي إلى إحراق مختلف الأسماء البارزة في المرحلة الراهنة من قبل بعض الأفرقاء، في حين أن هناك أفرقاء أساسيين لم يذهبوا إلى تقديم أي موقف حاسم على هذا الصعيد، الأمر الذي تطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، خصوصاً بالنسبة إلى إمكان ارتباط ملف انتخابات رئاسة الجمهورية بالتطورات الخارجية.
في هذا السياق، يمكن الحديث عن المواقف التي أطلقها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، التي تصب في اتجاه عدم تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جوزيف عون، مع العلم أن الإشارات السلبية بالنسبة إلى الاسم الأول قد تكون مرتبطة بالسعي إلى تحسين شروط التفاوض، لا سيما إذا ما دخل «حزب الله» على الخط.
من جانبه، عمد أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله إلى الحديث عن أن الحزب لن يكون له مرشح رئاسي، بالتزامن مع تأكيده أنه سيتبنى أحد المرشحين، الأمر الذي قد يصب في خانة السعي إلى عدم إحراق الاسم الذي يفضله، نظراً إلى أن وضعه في خانة مرشح الحزب سيجر مجموعة واسعة من الفيتوات المحلية والخارجية، وهو بالتالي لا يرغب بتكرار ما حصل يوم تبنى الحزب ترشيح ميشال عون للرئاسة، ويومذاك كان وحيداً في هذا التبني، لذلك قد يعمد الحزب الى جمع التأييد للمرشح المفضل بالنسبة إليه قبل إعلان تأييده منفرداً، لإقفال الباب امام الهجوم على هذا المرشح.
على الرغم من أهمية موقف باسيل ونصرالله، إلا ان الموقف الذي قد يعطي صورة فعلية عن الواقع الراهن هو ذلك الذي أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديثه التلفزيوني الأخير، لناحية طرحه احتمال عدم تصويته لأي من المرشحين الى الرئاسة، مطالباً إياهم بالذهاب إلى تقديم برامجهم، مع العلم أن أصوات نواب «اللقاء الديموقراطي» أساسية في معادلة سعي قوى المعارضة إلى الإتفاق على مرشح موحد.
موقف جنبلاط يوحي بأن هذا الإتفاق لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض، في ظل الخلافات في التوجهات القائمة بين أركان قوى المعارضة، مع الإشارة الى أن كلام جنبلاط يؤكد أن الملف الرئاسي لم يُفتح رسمياً بعد، والأساس فيه هو عدم وضوح الرؤية عند غالبية الأفرقاء، في ظل تبدل الظروف التي يشهدها الإستحقاق الحالي، بالإضافة إلى سعي البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القيام بدور مؤثر في اختيار الرئيس المقبل، حيث يتحدث البعض عن أن كل ما أثير مؤخراً حول قضية المطران موسى الحاج كان هدفه رئاسياً.