من وما الذي يفكّ عقدة الشغور الرئاسي؟ سؤال سمعنا كل أنواع الأجوبة عنه من دون أن يتغيّر شيء في الواقع. أجوبة الذين يرون ان العقدة داخلية. أجوبة الذين يكررون القول ان اختيار رئيس الجمهورية كان ولا يزال مسألة خارجية. وجواب الذين يقولون ان العقدة داخلية وخارجية. فما انتظرناه كان معظم ما يحدث في المنطقة والعالم: من الاتفاق على الملف النووي الايراني الى الرهان على تفاهم بين الرياض وطهران، مروراً بما يدور بين أميركا وايران حول القضايا الاقليمية. ومن تبلور تسوية سياسية أو حسم عسكري في حرب سوريا ثم حرب اليمن الى تنامي الدور الروسي في المنطقة بعد الدخول العسكري المباشر في حرب سوريا وامكان التفاهم الأميركي – الروسي على تحييد الرئاسة في لبنان عن صراعات المنطقة، وصولاً الى الانتخابات الرئاسية الأميركية.
اليوم يبدو الجميع تقريباً في انتظار شيء واحد: اعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، بعد نحو عام على ترشيحه للنائب سليمان فرنجيه.
ولكن، ماذا لو كانت العقدة الحقيقية في الشغور الرئاسي خارج النقطة التي تتركز عليها الأنظار: ان ينطق الحريري بالكلمة السحرية؟ واذا كان حلّ العقدة في يد زعيم تيار المستقبل، فما الداعي الى الانتظار الطويل؟ ما الفارق بين السلّة التي وضعها الرئيس نبيه بري على طاولة البحث في الرئاسة وبين التفاهم الذي تحدث عنه السيد حسن نصرالله لتسهيل الانتخاب؟ وهل انتهى الموضوع بالاحتجاج الدستوري والرفض السياسي لتكبيل المرشح لرئاسة الجمهورية والمرشح لرئاسة الحكومة باتفاق مسبق على صفقة تشمل تركيبة الحكومة وسياستها والتعيينات وقانون الانتخاب؟
حان الوقت للتوقف عن التصرّف كأن الشغور الرئاسي حادث سيارة جرى نقل الرئاسة بعده الى المستشفى للمعالجة ثم العودة الى القصر الجمهوري. فما قاد الى الشغور هو سياسة كاملة الأوصاف تتعلق بلعبة أكبر من الجمهورية، ورهانات على متغيرات تسمح بترتيبات شبه جذرية حتى في لبنان بلد التسويات. وليس من الضروري أن تتحقق هذه الأهداف، وسط تعدّد اللاعبين في المنطقة التي تضربها الحروب والفوضى، بحيث تصبح جاهزة وناضجة لاعادة الهيكلة. لكن من الصعب تصوّر الفرصة مفتوحة لملء الشغور الرئاسي من دون ملء السلّة بشيء من التفاهم. والأصعب هو أن تأتي التنازلات من طرف واحد.
سئل الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف: ما العمل اذا توقف قطار الاصلاح وكان من الصعب تحريكه؟ وجاء الجواب بالغ التعبير: أسدل الستائر، وتصرّف كأن القطار يسير. ألا ينطبق شيء من هذا على قطار الرئاسة المتوقف؟