IMLebanon

درس لينكولن على جدار لبنان

 

 

لا مهرب أمام لبنان من تعلم الدرس الذي تعلمه الرئيس إبراهام لينكولن موحّد الولايات الأميركية ومحرر العبيد بعد الحرب الأهلية في منتصف القرن التاسع عشر. لينكولن يقول: «وجود قادة لا يريدون حرباً لا يكفي. المشكلة إن كانت هناك أشياء يريدونها أكثر من الحرب، ويرغبون في الحصول عليها ولو بقبول الحرب. الحرب الأهلية وقعت مع أن الكل خاف منها وأكّد عدم حصولها». والوطن الصغير مهدد بحرب واسعة لا أحد من طرفيها المباشرين «حزب الله» وإسرائيل يقول أنه يريدها إلا مضطراً. ولا واحدة من الدول الكبرى والمتوسطة التي تقوم بجهود ديبلوماسية للحؤول دون وقوع الحرب تستطيع ترتيب خطوة لا بد منها لمنع الحرب وبدء مسار تسوية أكبر. «حزب الله» يرفض مقدمة العرض الدولي التي تقضي بوقف النار على جبهة الجنوب قبل وقف النار في حرب غزة. وحكومة نتنياهو المضطرة لإعادة عشرات الآلاف من المستوطنين المهجرين الى منازلهم في الجليل الأعلى ترفض وقف النار في غزة، بحيث تبقى جبهة الجنوب مفتوحة وتستحيل عودة المهجرين. ومن الصعب امام هذه العقدة الحفاظ على «حرب مضبوطة « مهما تكن ضغوط أميركا على نتنياهو و»مونة» إيران على «حزب الله».

 

وكل شيء صار مكشوفاً: من أهداف القتال إلى إغراءات ما يقال عن صفقة مفترضة. السلطة الرسمية خارج اللعبة عملياً، وإن كان المستشار الأميركي عاموس هوكشتاين يلتقي الباقين من أركانها المفاوضين بالوكالة. و»حزب الله» لم يعد في حاجة الى غطاء رسمي، ولا إلى غطاء سياسي من حليف. هو يمسك بقرار لبنان ويربطه بقرار «حماس» المرتبط بمستقبل غزة وفلسطين والذي هو بدوره فصل في كتاب المشروع الإقليمي الإيراني. وهذه هي اللعبة الكبيرة التي يقال أنها تدفع إدارة الرئيس جو بايدن الى تقديم «صفقة كبيرة» يخشى كثيرون أن تأتي على حساب لبنان، لا فقط على حساب سلطته. صفقة لترتيب النفوذ في العالم العربي، وتكريس النفوذ الإيراني بشكل خاص في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

 

وهذا، كما يبدو، سبب إضافي لتشدد «حزب الله» في الربط مع غزة على أساس أن «الميدان» هو يأتي بالصفقة مع أقل قدر من التنازلات. وسبب إضافي لإندفاع نتنياهو في حرب على الجبهة المؤلمة لإسرائيل والمفتوحة في الجنوب اللبناني، للحؤول دون أي إتفاق كبير بين أميركا وإيران، وربما لحشر الإدارة الأميركية ودفعها إلى المشاركة في الحرب.

 

هوكشتاين يعرف ان الظرف ليس مناسباً لإتفاق على ترسيم الحدود البرية وقت التقاصف عبر الحدود، وأن حديث بيروت عن تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هو «فانتازيا». فدمشق مصرة على أنها «أراضٍ سورية» كما نقل الوسيط الأميركي فريدريك هوف في كتابه «بلوغ المرتفعات» عن الرئيس بشار الأسد.

 

ولا ترجمة عملية رسمية عبر خرائط موقعة ومرسلة الى الأمم المتحدة لقول نائب الرئيس السابق الذي عمل وزيراً للخارجية فاروق الشرع في كتابه «الرواية المفقودة»، إنه أبلغ المنسق الدولي رود لارسن أن «مزارع شبعا لبنانية». حتى ما يسعى له هوكشتاين بإلحاح، وهو إغلاق جبهة الجنوب لإراحة إسرائيل، فإنه ليس على الطاولة بالنسبة الى»حزب الله».

 

يقول المفكر الإستراتيجي الصيني القديم سن تزو: «يجب الموازنة بين كلفة الحرب وفوائدها السياسية». وقد يكون هذا في حسابات «حزب الله» لكن أكثرية اللبنانيين ترى كلفة الحرب الباهظة وأثمانها السياسية الخطيرة. وليس من المعقول ان يقف اللبنانيون متفرجين على ذلك.